ونجاتك في حقن الدماء وكف الأذى عن أولياء الله والرفق بالرعية والتأني وحسن المعاشرة مع لين في غير ضعف وشدة في غير عنف ومداراة صاحبك ومن يرد عليك من رسله وارفق برعيتك بأن توقفهم على ما وافق الحق والعدل إن شاء الله تعالى وإياك والسعاة وأهل النمايم فلا يلزقن بك أحد منهم ولا يراك الله يوما وليلة وأنت تقبل منهم صرفا ولا عدلا فيسخط الله عليك ويهتك سترك وأما من تأنس به وتستريح إليه وتلجئ أمورك إليه فذلك الرجل الممتحن المستبصر الأمين الموافق لك على دينك وميز أعوانك وجرب الفريقين فإن رأيت هنالك رشدا فشأنك وإياه، وإياك أن تعطي درهما أو تخلع ثوبا أو تحمل على دابة في غير ذات الله لشاعر أو مضحك أو ممزح إلا أعطيت مثله في ذات الله وليكن جوائزك وخلعك للقواد والرسل والأحفاد، وأصحاب الرسائل وأصحاب الشرط والأخماس وما أردت أن تصرف في وجوه البر والنجاح والصدقة والفطرة والحج والشرب، والكسوة التي تصلي فيها وتصل بها، والهدية التي تهديها إلى الله ورسوله عن أطيب كسبك.
واجهد يا عبد الله أن لا تكنز ذهبا ولا فضة فتكون من أهل هذه الآية " الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله " ولا تستصغرن من حلو أو فضل طعام تصرفه في بطون خالية تسكن بها غضب الله رب العالمين، واعلم أني سمعت أبي يحدث عن آبائه عن أمير المؤمنين أنه سمع رسول الله (ص) قال يوما لأصحابه: " ما آمن بالله واليوم الآخر من بات شبعانا وجاره جائع " فقلنا: هلكنا يا رسول الله، فقال من فضل طعامكم ومن فضل تمركم ورزقكم وخلقكم وخرقكم تطفئون بها غضب الرب تعالى، وسأنبئك بهوان الدنيا وهوان شرفها على من مضى من السلف والتابعين فقد حدثني أبي محمد بن علي ابن الحسين قال: لما تجهز الحسين إلى الكوفة أتاه ابن عباس فناشده الله والرحم