فرد عليه الإمام (ع): من أراد الدنيا فلا ينصحك، ومن أراد الآخرة فلا يصحبك " (1).
لقد بين (ع) للمنصور بهذه الكلمات الخالدة إن طالب الآخرة لا يتصل بأي جهاز ظالم لأن ذلك يتصادم مع القيم الدينية فهو في جميع الأحوال لا يلتقي مع السلطة الظالمة، وأما من وضع أمعاءه على رأسه ودينه تحت قدمه فهو لا ينصح السلطة ولا يشجب أعمالها العدوانية بل يؤيدها ويساير جميع خطواتها، وقد علق الأستاذ الفكيكي على هذه السياسة السلبية، التي يراها الإمام قال ما نصه:
" إن الإمام الصادق (ع) قد سن قاعدة مشروعة للسياسة السلبية، وهي ما يسمونه باللغة السياسية (بالعصيان المدني) أو سياسة عدم التعاون مع حكومة أو دولة لا تحترم الحقوق أو تسئ التصرف فتعبث بحرمة قانونية المعاهدات والمواثيق، أو تتحدى قدسية الدساتير وحقوق الأمة المشروعة، إلى غير ذلك من وسائل الظلم وذرائع الباطل التي تتوسل بها الحكومات الغاشمة والدول القوية المستعمرة، وحكام الاستبداد والفساد في سبيل الطرق الخبيثة الدنيئة، فالإمام الصادق عليه السلام قد أوجب على الأفراد عدم التعاون مع ولاتهم الجائرين على اختلاف درجاتهم ومناصبهم من أعلاهم إلى أدناهم، وحرم عليهم العمل لهم، والكسب معهم، وحذر وأوعد الفاعل لذلك بالعذاب لارتكابه معصية كبيرة من الكبائر لأن في بذل المعونة للوالي الجائر إماتة الحق كله وإحياء الباطل كله، وفي تقويته إظهار الظلم والجور والفساد وسحق السنن، وطمس الشرائع - والعياذ بالله - ولا نريد أن نكثر القول في شرف