فإن الإجازة وإن كانت إنفاذا لما تقدم إلا أنه من المعلوم أن مع اعتبارها شرعا في تأثير ما تقدم، فقبل تحققها لا يمكن تحقق ما تقدم عليها بصفة التأثير فإن تحقق المنشأ حال الإنشاء حيث إنه من موجداته أو فعله التوليدي لا يتخلف عن إنشائه، كعدم تخلف الانكسار عن الكسر، وكل اسم مصدر عن المصدر، إلا أنه من حيث تحققه في عالم الاعتبار بحيث يرتب عليه الآثار شرعا أو عرفا يمكن تخلفه عن إنشائه إذا كان لتحققه شرط آخر كالقبض أو الإجازة.
نعم، يمكن أن يقال بالفرق بين القبض والإجازة، وهو: أن القبض جزء المؤثر، ولكن الإجازة صورة للمادة المتحققة، وإنفاذ من المالك لما سبق، كإنفاذ الحاكم حكم مجتهد آخر. فما يمكن ترتيبه من السابق بإنفاذ المالك يجب ترتيبه.
فعلى هذا تكون واسطة بين الكشف الحقيقي والنقل، وهذه عبارة عن الكشف الحكمي، فيكون الكشف الحكمي مطابقا للقاعدة.
وتوضيح ذلك: أنه بعد ما ظهر أن الإجازة إنفاذ لما سبق فمن جهة أن السبب التام للنقل لا يتحقق بدونها، فإن إنشاء الفضولي ليس سببا للنقل في عالم الاعتبار، فالإجازة ناقلة. ومن حيث إنها إنفاذ لما تحقق فيجب من حين الإجازة ترتيب الآثار التي لها اعتبار وجود حين الإجازة من حين العقد، فهي كاشفة.
فعلى هذا يقع التفكيك بين الملك وآثاره من النماء والمنافع، لأن الملكية لا يمكن تحققها من قبل بعد دخل الإجازة في تحققها، وليس للملكية السابقة اعتبار وجود في الحال، وهذا بخلاف المنافع فإنه يمكن تحقق ملك المنفعة من قبل، لأن لها اعتبار وجود في الحال باعتبار تعلق الضمان بها. فلو أجاز المالك استيفاء المنافع لمستوفي المنفعة تسقط أجرتها وضمانها، ولذا يصح الصلح على المنافع السابقة، ولا يصح على الملك السابق.
والسر فيه: أن المنافع باعتبار وجودها في الحال بوجود أجرتها يصح تعلق الإجازة بها التي مرجعها إلى إسقاط الضمان، فبالنقل في الحال يصح تحققها من قبل، كما يصح تحققها بعد ذلك بالنقل في الحال، كما في إجارة الدار المتعلقة بالسنة الآتية.