وبطبيعة الحال لا يسجل له التأريخ شيئا في هذه النشأة، وكذلك كل طالب علم لا يسجل حتى اسمه ما لم يبلغ درجة يرجع إليه الطلاب في تدريس، أو الناس في تقليد، أو تكون له مؤلفات تشتهر. ومن هنا تبتدئ معرفة حياة الرجل العالم، وتظهر آثاره ويلمع اسمه.
ومع ذلك، فإنا نعرف عن شيخنا: إن أسبق أساتذته وأكثرهم حضورا عنده هو المولى إسماعيل الخاجوئي المتقدم الذكر.
وهذا الأستاذ كان مقره في أصفهان، وفيها توفي ودفن، والظاهر أنه لم ينتقل عنها حتى في الكارثة التأريخية المفجعة التي أصابتها من الأفغانيين الذين انتهكوها بما لم يحدث التأريخ عن مثلها، وذلك سنة 1134. فتكون نشأة شيخنا المترجم له العلمية في مبدأ تحصيله في أصفهان على هذا الشيخ الجليل. والظاهر أنه عليه قرأ الفلسفة، لأن هذا الشيخ من أساتذة الفلسفة المعروفين الذين تنتهي تلمذتهم في ذلك العصر إلى المولى صدر الدين الشيرازي صاحب الأسفار. وكفى أن من تلاميذه المولى محراب، الآلهي المعروف، الذي طورد لقوله بوحدة الوجود، ولما جاء إلى إحدى العتبات المقدسة متخفيا. وجد في الحرم شيخا ناسكا يسبح بلعن ملا صدرا وملا محراب، ولما سأله عن السبب في لعنهما قال: لأنهما يقولان بوحدة واجب الوجود)، فقال له ساخرا: إنهما حقا يستحقان منك اللعن!
ودرس أيضا شيخنا المترجم له - والظاهر أن ذلك في أصفهان أيضا - على العالمين الكبيرين: الشيخ محمد بن الحكيم العالم الحاج محمد زمان، والشيخ محمد مهدي الهرندي. وهما من أساتذة الفلسفة على ما يظهر.
ولا شك أنه انتقل إلى كربلا والنجف، فدرس على الأعلام الثلاثة:
الوحيد البهبهاني الآتي ذكره - وهو آخر أساتذته وأعظمهم، وتخريجه كان على يديه - والفقيه العالم صاحب الحدائق الشيخ يوسف البحراني المتوفى 1186، والمحقق الجليل الشيخ مهدي الفتوني المتوفى 1183.
فجملة أساتذته سبعة، سماهم ولده في بعض إجازاته على ما نقل عنه ب (الكواكب السبعة). وهم خيرة علماء ذلك العصر، وعلى رأسهم الآقا الوحيد أستاذ الأساتذة.