شيطانان متعاديان ومتهاتران ". وقال الصادق عليه السلام: " من علامات شرك الشيطان الذي لا يشك فيه أن يكون فحاشا لا يبالي ما (40) قال ولا ما (40) قيل فيه ". وقال عليه السلام: " البذاء من الجفاء، والجفاء في النار "، وقال عليه السلام: " من خاف الناس لسانه فهو في النار "، وقال: " إن أبغض خلق الله تعالى عبد اتقى الناس لسانه ". وعن الكاظم عليه السلام في رجلين يتسابان: " فقال: البادي منهما أظلم، ووزره ووزر صاحبه عليه ما لم يتعد المظلوم " (41).
(تنبيه) إعلم أن حقيقة الفحش هو التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارة الصريحة. ويجري أكثر ذلك في ألفاظ الوقاع وآلاته وما يتعلق بهما، بأن لأهل الفساد عبارات صريحة فاحشة يستعملونها فيه، وأهل الصلاح يتحاشون من التعرض لها، بل يكنون عنها ويعبرون عنها بالرموز. قال بعض الصحابة: " إن الله حيي كريم يعف ويكنى، كنى باللمس عن الجماع ".
فالمس، واللمس، والدخول، والصحبة، كنايات عن الوقاع، وليست بفاحشة، وعنه عبارات فاحشة يستقبح ذكرها. وليس هذا يختص بالوقاع بل الكناية بقضاء الحاجة عن التبول والتغوط أولى من لفظة التغوط والخراء وغيرهما، وكذا التعبير عن المرأة، فهذا أيضا مما يخفى ويستحيي منه، فلا ينبغي أن تذكر ألفاظه الصريحة باللسان، بل يكنى عنها، فلا يقال:
قالت زوجك أو امرأتك، بل يقال: قيل في الحجرة، أو قيل من وراء الستر، وقالت أم الأولاد، وأمثال ذلك. وكذلك من به عيوب يستحي منها، فلا ينبغي أن يعبر عنها بصريح لفظها، كالبرص والقرح والبطن، وأمثال ذلك، بل يكنى عنها بعبارات غير صريحة، مثل العارض الذي عرض وما يجري مجراه، إذ التصريح بجميع ذلك داخل في الفحش.
ثم ألفاظ الفحش لا ريب - حينئذ - في كونها محظورة بأسرها مذمومة وإن كان بعضها أفحش من بعض، فيكون إثمه أشد، سواء استعمل في الشتم والإيذاء أو لا يستعمل فيه، بل في المزاح والهزل وغيرهما. وحينئذ