وقد هرم، كفرح، فهو هرم، بكسر الراء، من قوم هرمين، وهرمى، كسر على فعلى؛ لأنه من الأسماء التي يصابون بها وهم لها كارهون، فطابق باب فعيل، الذي بمعنى مفعول، نحو قتلى، وأسرى، فكسر على ما كسر عليه ذلك. وهي هرمة، كفرحة، من نسوة هرمات وهرمى.
وقد أهرمه الدهر، وهرمه، قال:
إذا ليلة هرمت يومها * أتى بعد ذلك يوم فتي (1) والهرمان، بالضم: العقل، يقال: ما له هرمان، كذا في الصحاح.
والهرمان، بالتحريك: بناءان أزليان، بمصر واختلف فيهما اختلافا جما، يكاد أن يكون حقيقة فيهما، كالمنام، فقيل بناهما هرمس الأول، المدعو: المثلث بالحكمة، وهو الذي يسميه العبرانيون أخنوخ بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم، وهو إدريس عليه السلام لما استدل من أحوال الكواكب، على كون الطائف، لحفظ صحائف العلوم والأموال فيهما من الطوفان إشفاقا عليها من الذهاب والدروس واحتياطا، أو هما بناء سنان بن المشلشل، وفي بعض النسخ: المشلل، ومنه قول البحتري من قصيدة:
ولا كسنان بن المشلل عندما * بنى هرميها من حجارة لا بها (2) أو هما من بناء الأوائل، قيل: شداد بن عاد، كما قاله ابن عفير وابن عبد الحكم وقيل: سويد (3) بن سهواق بن سرياق، وفي الخطط، لأبي عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي: أنه سورين (3) بن سهلوق لما علموا بالطوفان وأنه مفسد للأرض، وحيواناتها، ونباتها، وذلك من جهة النجوم ودلالتها بأنه يكون عند نزول قلب الأسد في أول دقيقة من رأس السرطان، وتكون الكواكب عند نزوله إياها في هذه المواضع من الفلك والشمس والقمر في أول دقيقة من رأس الحمل، وزحل في درجة وثمان وعشرين دقيقة من الحمل، والمشتري في الحوت في تسع وعشرين درجة وثمان وعشرين دقيقة، والمريخ في الحوت في تسع وعشرين درجة وثلاث دقائق، والزهرة في الحوت في ثمان وعشرين درجة ودقائق، وعطارد في الحوت في سبع وعشرين درجة ودقائق. والجوزة (4) في الميزان، وأوج القمر في الأسد في خمس درج ودقائق، وفيهما كل طب وسحر وطلسم (5) وهندسة ومعرفة النجوم وعللها وغير ذلك من العلوم الغامضة، مما يضر وينفع، كل ذلك بالكتابة على حيطانهما، من داخل ملخصا مفسرا لمن عرف، بقلم المسنة، كما ذكره القضاعي في الخطط، وفيهما من الذهب والزمرد ما لا يحتمله الوصف، ولم يذكر المصنف الطلسم في موضعه.
وهناك (6) أهرام صغار كثيرة منها الهرم الثالث، ويسمى بالموزر (7)، ومنها الذي بدير أبي هرميس، ومنها: اثنان بالقرب من دهشور، وآخران بالقرب من ميدوم.
قال أبو الصلت: وأي شئ أغرب وأعجب بعد مقدورات الله عز وجل ومصنوعاته من القدرة على بناء جسم من أعظم الحجارة، مربع القاعدة، مخروط الشكل، ارتفاع عموده: ثلاثمائة ذراع، ونحو سبعة عشر ذراعا، تحيط به أربعة سطوح، مثلثات متساويات الأضلاع، طول كل ضلع: أربعمائة ذراع، وستون ذراعا، وهو مع هذا العظم، من إحكام الصنعة، وإتقان الهندام، وحسن التقدير، بحيث لم يتأثر، إلى هلم جرا، بتضاعف الرياح، وهطل السحاب، وزعزعة الزلازل، انتهى.