وهو الهاء، كأنهم جعلوا الميم في هذه الحالة عوضا عنها لا عن الواو، وأنشد الأخفش للفرزدق:
هما نفثا في في من فمويهما * على النابح العاوي أشد رجام (1) قال: وحق هذا أن يكون جماعة؛ لأن كل شيئين من شيئين جماعة في كلام العرب، كقوله تعالى: (فقد صغت قلوبكما) (2) إلا أنه يجيء في الشعر ما لا يجيء في الكلام، وقد تشدد الميم في الشعر كما قال محمد بن ذؤيب العماني الفقيمي الراجز:
يا ليتها قد خرجت من فمه * حتى يعود الملك في أسطمه (3) قال الفراء: ولو قال " من فمه "، بفتح الفاء لجاز.
وقال شيخنا: قد جمع كثير من شراح التسهيل لغاته تركيبا وإفرادا فزادت على عشرين وقالوا: الفتح أكثر وأفصح، ومن العرب من يعربه من مكانين فيضم الفاء رفعا، ويفتحها نصبا، ويكسرها جرا، كما قالوا في امرئ وابنم ونحوهما بل قيل: ليس لها رابع.
وفم من الدباغ: أي مرة منه.
قال الفراء: ألقيت على الأديم دبغة، والدبغة: أن تلقي عليه فما من دباغ نفسا. ودبغته نفسا ويجمع أنفسا، كأنفس الناس وهي المرة.
وفم: حرف عطف، لغة في ثم عن الفراء.
وقيل: فاء فم بدل من ثاء ثم يقال: رأيت عمرا فم زيدا وثم زيدا، بمعنى واحد.
وفي التهذيب: قال الفراء: قبلتها في فمها وثمها، بمعنى واحد.
* ومما يستدرك عليه:
الإفمام جمع: فم مشددا، وتصغيره: فميم، هي لغة حكاها اللحياني، وسيأتي تفصيل ذلك في فوه.
[فوم]: الفوم بالضم: الثوم لغة فيه.
قال ابن سيده: أراه على البدل.
قال ابن جني: ذهب بعض أهل التفسير في قوله عز وجل: (وفومها وعدسها) (4) إلى أنه أراد الثوم، فالفاء على هذا عنده بدل من الثاء.
قال والصواب عندنا أن الفوم الحنطة، وليست الفاء على هذا بدلا من الثاء، وجمعوا الجمع فقالوا: فومان، حكاه ابن جني، قال: والضمة في فوم غير الضمة في فومان، كما أن الكسرة التي في دلاص وهجان غير الكسرة التي فيها للواحد، والألف غير الألف.
وقال اللحياني: هو الثوم والفوم للحنطة.
قال الجوهري: وأنشد الأخفش لأبي محجن الثقفي:
قد كنت أحسبني كأغنى واجد * نزل المدينة عن زراعة فوم (5) وقال أمية في جمع الفوم:
كانت لهم جنة إذ ذاك ظاهرة * فيها الفراريس والفومان والبصل (6) قال أبو الأصبع: الفراريس: البصل، ويروى: الفراديس.
وقال بعضهم: الفوم: الحمص، لغة شامية.
قال الفراء في قوله تعالى: (وفومها) ما نصه: الفوم مما يذكرون لغة قديمة وهي: الحنطة والخبز جميعا.
وقال الزجاج: لا اختلاف بين أهل اللغة أن الفوم الحنطة، وسائر الحبوب التي تخبز يلحقها اسم الفوم.