(الثالثة) إذا كان الواجب بدنيا، فأقصى ما يمكن أن يستدل به على خروجه من الأصل كالمالي، هو دعوى اندراجه في الدين، الذي يعم شغل الذمة بالمال والعمل، ودعوى اختصاصه بالأول أو تعميمه لهما والاختصاص بشغل الذمة للمخلوق دون الخالق ممنوعة، سيما بعد ما ورد اطلاق الدين على الصلاة في غير واحد من الأخبار كما قيل، منضما إلى ما ورد في الحج " إن دين الله أحق أن يقضى " (1) وفيه - بعد تسليم صدق الدين حقيقة على شغل الذمة بالعمل - منع انصرافه إليه، فلا يحمل الاطلاق على غير المنصرف إليه اللفظ، فعدم الدليل مع اقتضاء الأصل العدم يقضي بما عليه المشهور شهرة عظيمة، بل ادعى غير واحد - منهم جدنا في (الرياض) عدم الخلاف فيه: من كونه يخرج من الثلث مع الوصية به، ومع عدمها ومعلومية شغل الذمة به، ففي خروجه منه لوجوب دفع الضرر المحتمل من العقاب وإن كان أخرويا وعدمه للأصل؟ وجهان: ولعل الثاني هو الأقوى، لاطلاق ما دل على انتقال التركة مع عدم الوصية بها إلى الوارث عند الموت. نعم يجب عليه على الأقوى الوصية به وبكل ما كان عليه من الحقوق المطالب بها في الآخرة مع إمكان التخلص عنها ولو بعد الوفاة بالوصية.
هذا ونزيدك توضيحا للفرق بين الواجب المالي والبدني، وهو: إن الواجب المالي عبارة عن ثبوت حق في ذمة إنسان متعلق بماله الخاص كالزكاة - مثلا - أو المطلق الذي كان الموجود منه مصداقا لما اشتغلت به ذمته، وحيث أن الميت لا ذمة له تعين الوفاء من الموجود منه لانطباق الكلي الذي اشتغلت به ذمته على المصداق المنحصر فيه. ولذا تتعلق بالتركة حقوق