في جواز التسليط على حق الغير، لقيام الاجماع على الاكتفاء به في ذلك وأما مطلق الوثوق فلم يقم دليل معتبر على الاكتفاء به فيه، إلا إذا بلغ حد القطع يعدم التخلف الذي دون تحققه خرط القتاد، فهو نظير الظن الخاص والظن المطلق في حجية الطريق.
وبما ذكرنا ظهر الجواب عما قيل: من أن مقتضى ذلك اعتبار الوثوق دون العدالة التي نصوا على اشتراطها في كلامهم فمن الغريب استغراب شيخنا في (الجواهر) هذا الكلام من هؤلاء الأعلام، مع أنه في غاية المتانة وكيف كان فلو أوصى إلى عادل ثم فسق بعد موت الموصي بطلت الوصاية، بناء على اشتراطها لأنها شرط حينئذ ابتداء واستدامة وانعزل عن العمل من غير توقف على عزل الحاكم، وإن أوهمه ظاهر عبارة (الشرايع) وغيرها، إلا أن المقصود من عزله منعه عن التصرف، ولا تعود بعود العدالة، لما تقدم في طرو الجنون. وأما على القول بعدم الاشتراط، ففي بطلانها نظر: ينشأ: من استلزام عدم اعتبارها ابتداء عدمه استدامة مع أن الأصل يقتضي بقائها أيضا، ومن - دعوى ظهور تخصيص الوصاية به في كون الباعث عليها هو وصف العدالة فتنتفي بانتفائه دون ذاته المقارنة للوصف، إلا أنها عهدة مدعيها. نعم لو علم كون الايصاء إليه من حيث كونه عدلا على وجه كانت الحيثية قيدا فلا إشكال - بل لا خلاف - في بطلانها. وعليه تنزل عبارة من ادعى عدم الخلاف فيه هذا ولو فسق ثم عادت إليه العدالة قبل موت الموصي فلا ينبغي الاشكال في استمرار صحة الوصية، لأن المانع يضر وجوده عند الموت.
(الخامس): الحرية، فلا تصح الوصية إلى المملوك بغير إذن سيده وتصح بإذنه، بلا خلاف فيهما - كما قيل - بل الاجماع محكي في (الغنية) على الأول منهما، مضافا إلى استلزامها تصرفاته الممنوع عنها شرعا