اليمن، وقد كنت غضبت لعثمان من الأذى، فاغضب له من القتل، والسلام.
وكتب إلى الأحنف بن قيس: أما بعد، فإنك وافد عمر وسيد مضر، وحليم أهل العراق، وقد بلغك مصاب عثمان، ونحن قادمون عليك، والعيان أشفى لك من الخبر، والسلام. وكتب إلى المنذر: أما بعد، فإن أباك كان رئيسا في الجاهلية، وسيدا في الإسلام، وإنك من أبيك بمنزلة المصلي (1) من السابق. يقال: كاد أو لحق، وقد قتل عثمان من أنت خير منه، وغضب له من هو خير منك، والسلام.
فلما وصلت كتبهما إلى القوم، قام زياد بن مضر، والنعمان بن شوال، وغزوان، فقالوا: ما لنا ولهذا الحي من قريش؟ أيريدون أن يخرجونا من الإسلام بعد أن دخلنا فيه؟ ويدخلونا في الشرك بعدما خرجنا منه؟ قتلوا عثمان، وبايعوا عليا، لهم ما لهم، وعليهم ما عليهم. وكتب كعب بن سور إلى طلحة والزبير: أما بعد، فإنا غضبنا لعثمان من الأذى والغير باللسان، فجاء أمر الغير فيه بالسيف، فإن يك عثمان قتل ظالما، فما لكما وله؟ وإن كان قتل مظلوما فغير كما أولى به، وإن كان أمره أشكل على من شهده، فهو على من غاب عنه أشكل. وكتب الأحنف إليهما: أما بعد، فإنه لم يأتنا من قبلكم أمر لا نشك فيه إلا قتل عثمان، وأنتم قادمون علينا، فإن يكن في العيان فضل، نظرنا فيه ونظرتم، وإلا يكن فيه فضل فليس في أيدينا ولا في أيديكم ثقة، والسلام. وكتب المنذر: أما بعد، فإنه لم يلحقني بأهل الخير إلا أن أكون خيرا من أهل الشر، وإنما أوجب حق عثمان اليوم حقه أمس وقد كان بين أظهركم فخذلتموه، فمتى استنبطتم هذا العلم، وبدا لكم هذا الرأي؟ فلما قرآ كتب القوم ساءهما ذلك وغضبا. ثم غدا مروان إلى طلحة والزبير، فقال لهما: عاودا ابن عمر، فلعله ينيب، فعاوداه، فتكلم طلحة، فقال: يا أبا عبد الرحمن، إنه والله لرب حق ضيعناه وتركناه، فلما حضر العذر قضينا بالحق، وأخذنا بالحظ، إن عليا يرى إنفاذ بيعته، وإن معاوية لا يرى أن يبايع له، وإنا نرى أن نردها شورى، فإن سرت معنا ومع أم المؤمنين صلحت الأمور، وإلا فهي الهلكة. فقال ابن عمر: إن يكن قولكما حقا ففضلا ضيعت، وإن يكن باطلا فشر منه نجوت، واعلما أن بيت عائشة خير لها من هودجها، وأنتما المدينة خير لكما من البصرة، والذل خير لكما من السيف، ولن يقاتل عليا إلا من كان خيرا منه، وأما الشورى فقد والله كانت، فقدم وأخرتما،