علي إلى أبي بكر: أن أقبل إلينا (1)، فأقبل أبو بكر حتى دخل على علي وعنده بنو هاشم فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد يا أبا بكر: فإنه لم يمنعنا أن نبايعك إنكارا لفضيلتك، ولا نفاسة عليك (2)، ولكنا كنا نرى أن لنا في هذا الأمر حقا، فاستبددت علينا، ثم ذكر علي قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يزل يذكر ذلك حتى بكى أبو بكر. فقال أبو بكر رضي الله عنه.
لقرابة رسول الله أحب إلي (3) من قرابتي، وإني والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله يصنعه إلا صنعته إن شاء الله تعالى. فقال علي: موعدك غدا (4) في المسجد الجامع للبيعة إن شاء الله. ثم خرج فأتى المغيرة بن شعبة، فقال: الرأي يا أبا بكر أن تلقوا العباس، فتجعلوا له في هذه الإمرة نصيبا، يكون له ولعقبه، وتكون لكما الحجة على علي وبني هاشم، إذا كان العباس معكم.
قال: فانطلق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة والمغيرة حتى دخلوا على العباس رضي الله عنه. فحمد الله أبو بكر، وأثنى عليه، ثم قال: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم نبيا وللمؤمنين وليا، فمن الله تعالى بمقامه بين أظهرنا، حتى اختار له الله ما عنده، فخلى على الناس أمرهم، ليختاروا لأنفسهم في مصلحتهم، متفقين غير مختلفين، فاختاروني عليهم واليا، ولأمورهم راعيا، وما أخاف بعون الله وهنا ولا حيرة ولا جبنا، وما توفيقي إلا بالله العلي العظيم، عليه توكلت وإليه أنيب. وما أزال يبلغني عن طاعن يطعن بخلاف ما اجتمعت عليه عامة المسلمين، ويتخذكم لجأ، فتكونون حصنه المنيع، فإما دخلتم فيما دخل فيه العامة، أو دفعتموهم عما مالوا إليه، وقد جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا، يكون لك ولعقبك من بعدك، إذ كنت عم رسول الله، وإن كان