عليهم. فقال مسلم: والله لا أقيلك، ولا تشرب البارد بعدها أبدا، فأمر به، فضربت عنقه. ثم أتي بمعقل بن سنان، وكان معقل حاملا لواء قومه يوم الفتح مع رسول الله، فلما دخل عليه قال له: أعطشت يا معقل؟ قال: نعم أصلح الله الأمير، قال: حيسوا له شربة (1) من سويق اللوز الذي زودنا به أمير المؤمنين، فلما شربها قال له: رويت؟ قال: نعم. فقال مسلم: أما والله لا تبولها من مثانتك أبدا، فقدم، فضربت عنقه، ثم قال: ما كنت لأدعك بعد كلام سمعته منك تطعن به على إمامك، وكان معقل قد طعن بعض الطعن على يزيد قبل ذلك، فيما بينه وبين مسلم، على الاستراحة بذلك (2)، ثم أمر بمحمد بن أبي الجهم وجماعة من وجوه قريش والأنصار، وخيار الناس والصحابة والتابعين، ثم أتي بعبد الله بن الحارث مغلولا. فقال مسلم: أنت القائل: اقتلوا سبعة عشر رجلا من بني أمية، لا تروا شرا أبدا؟ قال: قد قلتها، ولكن لا يسمع من أسير أمر، أرسل يدي، وقد برئت مني الذمة، إنما نزلت بعهد الله وميثاقه، وأيم الله لو أطاعوني وقبلوا مني ما أشرت به عليهم ما تحكمت فيهم أنت أبدا. فقال له مسلم: والله لأقدمنك إلى نار تلظى، ثم أمر به فضربت عنقه. فقال مروان: قد والله سقيتني من دماء هؤلاء القوم، إلا ما كان من قريش، فإنك أثخنتها وأفنيتها.
فقال مسلم: والله لا أعلم عند أحد غشا لأمير المؤمنين إلا سألت الله أن يسقيني دمه. فقال: إن عند أمير المؤمنين عفوا لهم، وحلما عنهم ليس عندك. وجعل مروان يعتذر إلى قريش، ويقول: والله لقد ساءني قتل من قتل منكم. فقالت له قريش: أنت والله الذي قتلتنا، ما عذرك الله ولا الناس، لقد خرجت من عندنا، وحلفت لنا عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم لتردنهم عنا، فإن لم تستطع لتمضين ولا ترجع معهم، فرجعت، ودللت على العورة، وأعنت على الهلكة، فالله لك بالجزاء. قال: فبلغ عدة قتلى الحرة يومئذ من قريش والأنصار والمهاجرين ووجوه الناس، ألفا وسبع مئة (3)، وسائرهم من الناس عشرة آلاف،