التمكن من التحاكم إلى الجامع، نظرا إلى أن الذي أوجب عليه في الرواية الرضى بحكومة الراوي للحديث العارف بالحلال والحرام، هو النهي عن التحاكم إلى قضاة الجور، ولا ريب أن وجوب التحاكم إلى القاضي الجامع فرع التمكن، فكذلك حرمة التحاكم إلى الفاقد، فتأمل.
ولو سلم ظهور الرواية في اطلاق، تعين تقييده بصورة التمكن من جهة أدلة نفي الضرر والحرج المقيدة لجميع المطلقات إذا خلت من المعتضدات الخارجة، وإن كان فيهما عموم من وجه، لقوة تلك الأدلة وكونها حاكمة على الأدلة المثبتة.
ثم إن صاحب الكفاية استشكل في الحكم المذكور، من جهة أن حكم الجائر بينهما فعل محرم، فالترافع إليه موجب للإعانة على الإثم المنهي عنها (1)، وضعفه في الرياض بأن ما دل على حرمة الإعانة ليس بأقوى مما دل على حرمة التحاكم إلى هؤلاء الظلمة، فكما يخصص بأدلة نفي الضرر والحرج هذه، تخصص تلك، وإنما جعلت أدلة نفي الضرر والحرج مخصصة للأدلة المانعة بنوعيها، مع كون التعرض بينها وبين الأدلة المانعة عموما من وجه لأوفقيتها بأصالة البراءة التي هي حجة مستقلة لو فرض تساقط الأدلة (2).
أقول: وفي كل من استشكال صاحب الكفاية وتضعيف صاحب الرياض وما ذكره من الوجه في تقديم أدلة نفي الضرر والحرج على الأدلة المانعة، نظر.