والمراد بالقضاة المنصوبين عن الإمام عليه السلام هم النواب عنه في الأمر الأول، وأما اعطاء شعبة من ولايته لأحد مطلقا أو مطلقا أو مقيدا فلا مجال لأحد فيه، ألا ترى أن ولاية الإمام عليه السلام الباقية إلى يوم القيامة من النبي صلى الله عليه وآله.
ومن هنا ظهر أن نصب الصادق عليه السلام للفقهاء في زمان الغيبة ليس من قبيل الأول، إذ لا معنى لاستنابة من سيوجد، بل هو من قبيل الثاني، ولهذا لا يعتبر فيه وجود الشخص في زمان التولية، ولو وجد لم ينعزل بموت الإمام عليه السلام، فظهر مما ذكر عدم المنافاة بين حكم الأصحاب (1) - عدا الشيخ في المبسوط (2) - بانعزال القضاة بعد موت الإمام عليه السلام، وحكمهم بولاية الفقهاء - الذين لم يوجدوا في عصر من نصبهم بعد موته - بألف سنة أو أزيد، وأنه لا حاجة إلى التمسك في ذلك بالاجماع أو التوقيع المروي (3) عن مولانا القائم عليه السلام، ورفع اليد عن المقبولة (4) التي عليها تدور رحى استدلال العلماء في ثبوت الولاية والحكومة للفقيه في زمن الغيبة.