وفيها توفي من الأعيان:
العوام (1) بن زيادة كاتب الانشاء بباب الخلافة، وهو أبو طالب يحيى بن سعيد بن هبة الله بن علي بن زيادة، انتهت إليه رياسة الرسائل والانشاء والبلاغة والفصاحة في زمانه بالعراق، وله علوم كثيرة غير ذلك من الفقه على مذهب الشافعي، أخذه عن ابن فضلان، وله معرفة جيدة بالأصلين الحساب واللغة، وله شعر جيد وقد ولي عدة مناصب كان مشكورا في جميعها، ومن مستجاد شعره قوله:
لا تحقرن عدوا تزدريه فكم * قد أتعس الدهر جد الجد باللعب فهذه الشمس يعروها الكسوف لها * على جلالتها بالرأس والذنب وله:
باضطراب الزمان ترتفع الأنذال * فيه حتى يعم البلاء وكذا الماء راكد فإذا * حرك ثارت من قعره الأقذاء وله أيضا:
قد سلوت الدنيا ولم يسلها * من علقت في آماله والأراجي فإذا ما صرفت وجهي عنها * (قذفتني في بحرها العجاج يستضيئون بي وأهلك وحدي * فكأني ذبالة في سراج توفي في ذي الحجة وله ثنتان وسبعون سنة، وحضر جنازته خلق كثير، ودفن عند موسى بن جعفر.
القاضي أبو الحسن علي بن رجاء بن زهير ابن علي البطائحي، قدم بغداد فتفقه بها وسمع الحديث وأقام برحبة مالك بن طوق مدة يشتغل على أبي عبد الله بن النبيه الفرضي، ثم ولي قضاء العراق مدة، وكان أديبا، وقد سمع من شيخه أبي عبد الله بن النبيه ينشد لنفسه معارضا للحريري في بيتيه اللذين زعم أنهم لا يعزوان ثالثا لهما، وهما قوله:
سم ممة يحمد آثارها * واشكر لمن أعطا ولو سمسمة والمكر مهما اسطعت لا تأته * لتقتني السؤدد والمكرمة