لفقره وحاجته، وأنه لم يكن يملك غيرها، فأعطاه رجل من الحاضرين دينارا، فلما أخذه نظر فيه طويلا ثم قال: والله هذا الدينار أعرفه، وقد ذهب مني في جملة دنانير عام أول، فشتمه بعض الحاضرين فقال له ذلك الرجل: فما علامة ما قلت؟ قال زنة هذا كذا وكذا، وكان معه ثلاثة وعشرون دينارا، فوزنوه فوجدوه كما ذكر، فأخرج له الرجل ثلاثة وعشرين دينارا، وكان قد وجدها كما قال حين سقطت منه، فتعجب الناس لذلك. قال: ويقرب من هذا أن رجلا بمكة نزع ثيابه ليغتسل من ماء زمزم وأخرج من عضده دملجا زنته خمسون مثقالا (1) فوضعه مع ثيابه، فلما فرغ من اغتساله لبس ثيابه ونسي الدملج ومضى، وصار إلى بغداد وبقي مدة سنتين بعد ذلك وأيس منه، ولم يبق معه شئ إلا يسير فاشترى به زجاجا وقوارير ليبيعها ويتكسب بها، فبينما هو يطوف بها إذ زلق فسقطت القوارير فتكسرت فوقف يبكي واجتمع الناس عليه يتألمون له، فقال في جملة كلامه والله يا جماعة لقد ذهب مني من مدة سنتين دملج من ذهب زنته خمسون دينارا، ما باليت لفقده كما باليت لتكسير هذه القوارير، وما ذاك إلا لان هذه كانت جميع ما أملك، فقال له رجل من الجماعة: فأنا والله لقيت ذلك الدملج، وأخرجه من عضده فتعجب الناس والحاضرون.
والله أعلم بالصواب.
وممن توفي فيها من الأعيان (2)..