مراكش، مات يوم الخميس السادس والعشرين من شعبان من هذه السنة، وله قصيدة كان يدعو الله بها ويرتجي الإجابة فيها وهي:
يا من يرى ما في الضمير ويسمع * أنت المعد لكل ما يتوقع يا من يرجى للشدائد كلها * يا من إليه المشتكى والمفزع يا من خزائن رزقه في قول كن * امنن فإن الخير عندك أجمع ما لي سوى فقري إليك وسيلة * فبالافتقار إليك فقري أدفع ما لي سوى قرعي لبابك حيلة * فلئن رددت فأي باب أقرع؟
ومن الذي أرجو (1) وأهتف باسمه * إن كان فضلك عن فقيرك يمنع؟
حاشا لمجدك أن تقنط عاصيا * الفضل أجزل والمواهب أوسع ثم دخلت سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة في ثاني ربيع الأول منها كان دخول الناصر دمشق بعد عافيته، وزار القاضي الفاضل، واستشاره، وكان لا يقطع أمرا دونه، وقرر في نيابة دمشق ولده الأفضل علي، ونزل أبو بكر العادل عن حلب لصهره زوج ابنته الملك الظاهر غازي بن الناصر، وأرسل السلطان أخاه العادل صحبة ولده عماد الدين عثمان الملك العزيز على ملك مصر، ويكون الملك العادل أتابكه، وله إقطاع كبيرة جدا، وعزل عن نيابتها تقي الدين عمر (2)، فعزم على الدخول إلى إفريقية، فلم يزل الناصر يتلطف به ويترفق له حتى أقبل بجنوده نحوه، فأكرمه واحترمه وأقطعه حماه وبلادا كثيرة معها، وقد كانت له قبل ذلك، وزاد له على ذلك مدينة ميافارقين، وامتدحه العماد بقصيدة ذكرها في الروضتين.
وفيها هادن قومس طرابلس السلطان وصالحه وصافاه، حتى كان يقاتل ملوك الفرنج أشد القتال وسبى منهم النساء والصبيان، وكاد أن يسلم (3) ولكن صده السلطان فمات على الكفر