الدين قيماز نائب قلعة الموصل جامعا حسنا وربطا ومدرسة ومارستانا متجاورات بظاهر الموصل وقد تأخرت وفاته إلى سنة خمس وتسعين وخمسمائة رحمه الله. وله عدة مدارس وخوانقات وجوامع غير ما ذكرنا، وكان دينا خيرا فاضلا حنفي المذهب، يذاكر في الأدب والاشعار والفقه، كثير الصيام وقيام الليل. وفيها أمر الخليفة بإخراج المجذومين من بغداد لناحية منها ليتميزوا عن أهل العافية، نسأل الله العافية. وذكر ابن الجوزي في المنتظم عن امرأة قالت: كنت أمشي في الطريق وكأن رجلا يعارضني كلما مررت به، فقلت له: إنه لا سبيل إلى هذا الذي ترومه مني إلا بكتاب وشهود، فتزوجني عند الحاكم، فمكثت معه مدة ثم اعتراه انتفاخ ببطنه فكنا نظن أنه استسقاء فنداويه لذلك فلما كان بعد مدة ولد ولدا كما تلد النساء، وإذا هو خنثى مشكل، وهذا من أغرب الأشياء.
وفيها توفي من الأعيان علي بن عساكر ابن المرحب بن العوام أبو الحسن البطائحي المقري اللغوي، سمع الحديث وأسمعه، وكان حسن المعرفة بالنحو واللغة، ووقف كتبه بمسجد ابن جرارة ببغداد، توفي في شعبان وقد نيف على الثمانين.
محمد بن عبد الله ابن القاسم أبو الفضل، قاضي القضاة بدمشق، كمال الدين الشهرزوري، الموصلي، وله بها مدرسة على الشافعية، وأخرى بنصيبين، وكان فاضلا دينا أمينا ثقة، ولي القضاء بدمشق لنور الدين الشهيد محمود بن زنكي، واستوزره أيضا فيما حكاه ابن الساعي. قال وكان يبعثه في الرسائل، كتب مرة على قصة إلى الخليفة المقتفي: محمد بن عبد الله الرسول، فكتب الخليفة تحت ذلك: صلى الله عليه وآله. قلت: وقد فرض إليه نور الدين نظر الجامع ودار الضرب والأسوار، وعمر له المارستان والمدارس وغير ذلك وكانت وفاته في المحرم من هذه السنة بدمشق.
الخطيب شمس الدين ابن الوزير أبو الضياء خطيب الديار المصرية، وابن وزيرها، كان أول من خطب بديار مصر للخليفة المستضئ بأمر الله العباسي، بأمر الملك صلاح الدين، ثم حظي عنده حتى جعله سفيرا بينه وبين الملوك والخلفاء، وكان رئيسا مطاعا كريما ممدحا، يقرأ عليه الشعراء والأدباء. ثم جعل الناصر مكانه الشهرزوري المتقدم (1) بمرسوم السلطان، وصارت وظيفة مقررة.