فارتدع سائر المماليك به خوفا من سطوته، وترك من الأولاد ملكشاه وإياز ونكشر (1) وبوري برس (2) وأرسلان وأرغو، وسارة، وعائشة وبنتا أخرى، توفي في هذه السنة عن إحدى وأربعين سنة (3)، ودفن عند والده بالري رحمه الله.
أبو القاسم القشيري صاحب الرسالة، عبد الكريم بن هوازن بن عبد المطلب بن طلحة، أبو القاسم القشيري، وأمه من بني سليم، توفي أبوه وهو طفل فقرأ الأدب والعربية، وصحب الشيخ أبا علي الدقاق، وأخذ الفقه عن أبي بكر بن محمد الطوسي، وأخذ الكلام عن أبي بكر بن فورك وصنف الكثير، وله التفسير والرسالة التي ترجم فيها جماعة من المشايخ الصالحين، وحج صحبة إمام الحرمين وأبي بكر البيهقي، وكان يعظ الناس، توفي بنيسابور في هذه السنة عن سبعين سنة، ودفن إلى جانب شيخه أبي علي الدقاق، ولم يدخل أحد من أهله بيت كتبه إلا بعد سنين، احتراما له، وكان له فرس يركبها قد أهديت له، فلما توفي لم تأكل علفا حتى نفقت بعده بيسير فماتت، ذكره ابن الجوزي، وقد أثنى عليه ابن خلكان ثناء كثيرا وذكر شيئا من شعره من ذلك قوله:
سقى الله وقتا كنت أخلوا بوجهكم * وثغر الهوى في روضة الانس ضاحك أقمنا زمانا والعيون قريرة * وأصبحت يوما الجفون سوافك وقوله:
لو كنت ساعة بيننا ما بيننا * وشهدت حين فراقنا (4) التوديعا أيقنت أن من الدموع محدثا * وعلمت أن من الحديث دموعا وقوله:
ومن كان في طول الهوى ذاق سلوة * فإني من ليلى لها غير ذائق وأكثر شئ نلته من وصالها * أماني لم تصدق كخطفة بارق