وحضر جنازته خلق كثير، مات في شعبان منها، فحج بالناس فيها الأمير برغش مقطع الكوفة.
وحج الأمير الكبير شيركوه بن شادي، مقدم عساكر الملك نور الدين، وتصدق بأموال كثيرة. وفيها استعفى القاضي زكي الدين أبو الحسن علي بن محمد بن يحيى أبو الحسن القرشي من القضاء بدمشق، فأعفاه نور الدين، وولى مكانه القاضي كمال الدين محمد بن عبد الله الشهرزوري، وكان من خيار القضاة وأكثرهم صدقة، وله صدقات جارية بعده، وكان عالما، وإليه ينسب الشباك الكمالي الذي يجلس فيه الحكام بعد صلاة الجمعة من المشهد الغربي بالجامع الأموي، والله أعلم.
وممن توفي فيها من الأعيان..
الأمير مجاهد الدين نزار بن مامين الكردي، أحد مقدمي جيش الشام، قبل نور الدين وبعده، وقد ناب في مدينة صرخد، وكان شهما شجاعا كثير البر والصدقات، وهو واقف المدرسة المجاهدية بالقرب من الغورية جوار الخيميين، وله أيضا المدرسة المجاهدية داخل باب الفراديس البراني، وبها قبره. وله السبع المجاهدي داخل باب الزيادة من الجامع بمقصورة الخضر، توفي بداره في صفر منها، فحمل إلى الجامع وصلي عليه ثم أعيد إلى مدرسته ودفن بها داخل باب الفراديس، وتأسف الناس عليه.
الشيخ عدي بن مسافر ابن إسماعيل بن موسى بن مروان بن الحسن بن مروان الهكاري، شيخ الطائفة العدوية، أصله من البقاع غربي دمشق، من قرية بيت نار (1)، ثم دخل إلى بغداد فاجتمع فيها بالشيخ عبد القادر والشيخ حماد الدباس، والشيخ عقيل المنبجي، وأبي الوفا الحلواني، وأبي النجيب السهروردي وغيرهم، ثم انفرد عن الناس وتخلى بجبل هكار وبنى له هناك زاوية وأعتقده أهل تلك الناحية اعتقادا بليغا، حتى أن منهم من يغلو غلوا كثيرا منكرا ومنهم من يجعله إلها أو شريكا، وهذا اعتقاد فاحش يؤدي إلى الخروج من الدين جلمة. مات في هذه السنة بزاويته وله سبعون (2) سنة رحمه الله.