فرآه شيخه ابن العلاف ذات يوم وهو يأخذ أوراق الخس من دجلة ويأكلها، فأعلم ابن المسلمة بحاله، فأرسل ابن المسلمة غلاما له وأمره أن يذهب إلى الخزانة التي له بمسجده فيتخذ لها مفتاحا غير مفتاحه، ثم كان كل يوم يضع فيها ثلاثة أرطال من خبز السميد، ودجاجة، وحلاوة السكر، فظن أبو علي الشرمقاني أن ذلك كرامة أكرمه الله بها، وأن هذا الطعام الذي يجده في خزانته من الجنة، فكتمه زمانا وجعل ينشد:
من أطلعوه على سر فباح به * لم يأمنوه على الاسرار ما عاشا وأبعدوه فلم يظفر بقربهم * وأبدلوه فكان الانس إيحاشا فلما كان في بعض الأيام ذاكره ابن العلاف في أمره، وقال له فيما قال: أراك قد سمنت فما هذا الامر، وأنت رجل فقير؟ فجعل يلوح ولا يصرح، ويكنى ولا يفصح، ثم ألح عليه فأخبره أنه يجد كل يوم في خزانته من طعام الجنة ما يكفيه، وأن هذا كرامة أكرمه الله بها، فقال له: ادع لابن المسلمة فإنه الذي يفعل ذلك، وشرح له صورة الحال، فكسره ذلك ولم يعجبه.
علي بن محمود بن إبراهيم بن ماجره أبو الحسن الزوزني (1)، شيخ الصوفية، وإليه ينسب الرباط الزوزني، وقد كان بنى لأبي الحسن شيخه، وقد صحب أبا عبد الرحمن السلمي، وقال: صحبت ألف شيخ، وأحفظ عن كل شيخ حكاية توفي في رمضان عن خمس وثمانين سنة.
محمد بن علي ابن الفتح بن محمد بن علي بن أبي طالب الحربي، المعروف بالعشاري، لطول جسده، وقد سمع الدارقطني وغيره، وكان ثقة دينا صالحا، توفي في جمادى الأولى منها، وقد نيف على الثمانين.
الوني الفرضي الحسين بن محمد بن عبد الله أبو عبد الله الوني، نسبة إلى ون قرية من أعمال جهستان (2)، الفرضي شيخ الحربي، وهو أبو حكيم عبد الله بن إبراهيم، كان الوني إماما في الحساب والفرائض، وانتفع الناس به، توفي فيها ببغداد شهيدا في فتنة البساسيري والله أعلم.