وعادوا إلى بلادهم بعد أن كان الملك نور الدين أعقبهم في بلادهم، وفتح من بلادهم حصونا كثيرة، وقتل منهم خلقا من الرجال، وأسر جما غفيرا من النساء والأطفال، وغنم شيئا كثيرا من الأمتعة والأموال ولله الحمد. وكان معه أخوه قطب الدين مودود فأطلق له الرقة فسار فتسلمها. وفيها في شعبان منها كان قدوم العماد الكاتب من بغداد إلى دمشق، وهو أبو حامد محمد بن محمد الأصبهاني، صاحب الفتح القدسي، والبرق الشامي، والخريدة، وغير ذلك من المصنفات، فأنزله قاضي القضاة كمال الدين الشهرزوري بالمدرسة النورية الشافعية (1) داخل باب الفرج، فنسبت إليه لسكناه بها، فيقال لها العمادية، ثم ولي تدريسها في سنة سبع وستين بعد الشيخ الفقيه ابن عبد وأول من جاء للسلام عليه نجم الدين أيوب كانت له وبه معرفة من تكريت، فامتدحه العماد بقصيدة ذكرها أبو شامة، وكان أسد الدين وصلاح الدين بمصر فبشره فيها بولاية صلاح الدين الديار المصرية حيث يقول (2) ويستقر بمصر يوسف، وبه * تقر بعد التنائي عين يعقوب ويلتقي يوسف فيها بإخوته * والله يجمعهم من غير تثريب ثم تولى عماد الدين كتابة الانشاء للملك نور الدين محمود.
وممن توفي فيها من الأعيان..
برغش أمير الحاج سنين متعددة كان مقدما على العساكر، خرج من بغداد لقتال شملة التركماني فسقط عن فرسه فمات.
أبو المعالي الكاتب محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن حمدون، صاحب التذكرة الحمدونية، وقد ولي ديوان لزمام مدة، توفي في ذي القعدة ودفن بمقابر قريش.
الرشيد الصدفي (3) كان يجلس بين يدي العبادي على الكرسي، كانت له شيبة وسمت ووقار، وكان يدمن حضور السماعات، ويرقص، فاتفق أنه مات وهو يرقص في بعض السماعات.