وتفقه وأفتى وناظر ووعظ، وكان ظريفا حسن الوجه جميل المعاشرة كثير التبسم، وأملى أكثر من ألف مجلس، ورحل إليه الطلبة من الآفاق حتى يقال للفراوي ألف راوي، وقيل إن ذلك كان مكتوبا في خاتمه، وقد أسمع صحيح مسلم قريبا من عشرين مرة، توفي في شوال منها عن تسعين سنة.
ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة فيها كثر موت الفجأة بأصبهان فمات ألوف من الناس، وأغلقت دور كثيرة. وفيها تزوج الخليفة بالخاتون فاطمة بنت محمد بن ملكشاه على صداق مائة ألف دينار، فحضر أخوها السلطان مسعود العقد وجماعة من أعيان الدولة والوزراء والامراء، ونثر على الناس أنواع النثار. وفيها صام أهل بغداد رمضان ثلاثين يوما ولم يروا الهلال ليلة إحدى وثلاثين، مع كون السماء كان مصحية.
قال ابن الجوزي: وهذا شئ لم يقع مثله. وفيها هرب وزير صاحب مصر وهو تاج الدولة بهرام النصراني، وقد كان تمكن في البلاد وأساء السيرة، فتطلبه الخليفة الحافظ حتى أخذه فسجنه ثم أطلقه فترهب وترك العمل، فاستوزر بعده رضوان بن الريحيني ولقبه الملك الأفضل، ولم يلقب وزير قبله بهذا، ثم وقع بينه وبين الخليفة الحافظ، فلم يزل به الخليفة حتى قتله واستقل بتدبير أموره وحده.
وفيها ملك عماد الدين زنكي عدة بلدان (1). وفيها طلع بالشام سحاب أسود أظلمت له الدنيا، ثم ظهر بعده سحاب أحمر كأنه نار أضاءت له الدنيا، ثم جاءت ريح عاصف ألقت أشجارا كثيرة، ثم وقع مطر شديد، وسقط برد كبار. وفيها قصد ملك الروم بلاد الشام فأخذ بلادا كثيرة من أيدي الفرنج، وأطاعه ابن ال؟ ون ملك الأرمن.
وممن توفي فيها من الأعيان...
أحمد بن محمد بن ثابت ابن الحسن أبو سعد (2) الخجندي، تفقه على والده الامام أبي بكر الخجندي الأصبهاني، وولي تدريس النظامية ببغداد مرارا، ويعزل عنها، وقد سمع الحديث ووعظ، وتوفي في شعبان منها، وقد قار؟ التسعين.
هبة الله بن أحمد ابن عمر الحريري، يعرف بابن الطير، سمع الكثير وهو آخر من روى عن أبي الحسن ابن