الحسن بن العباس ابن أبي الطيب بن رستم، أبو عبد الله الأصبهاني، كان من كبار الصالحين البكائين، قال:
حضرت يوما مجلس ماشاده وهو يتكلم على الناس فرأيت رب العزة في هذه الليلة وهو يقول لي:
وقفت على مبتدع وسمعت كلامه؟ لأحرمنك النظر في الدنيا، فأصبح لا يبصر وعيناه مفتوحتان كأنه بصير.
عبد العزيز بن الحسن (1) ابن الحباب الأغلبي السعدي القاضي، أبو المعالي البصري، المعروف بابن الجليس، لأنه كان يجالس صاحب مصر، وقد ذكره العماد في الخريدة، وقال: كان له فضل مشهور وشعر مأثور فمن ذلك قوله (2):
ومن عجب أن السيوف لديهم * تحيض دماء والسيوف ذكور وأعجب من ذا أنها في أكفهم * تأجج نارا والأكف بحور الشيخ عبد القادر الجيلي ابن أبي صالح أبو محمد الجيلي (3)، ولد سنة سبعين وأربعمائة، ودخل بغداد فسمع الحديث وتفقه على أبي سعيد المخرمي الحنبلي، وقد كان بنى مدرسة ففوضها إلى الشيخ عبد القادر، فكان يتكلم على الناس بها، ويعظهم، وانتفع به الناس انتفاعا كثيرا، وكان له سمت حسن، وصمت غير الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان فيه تزهد كثير وله أحوال صالحة ومكاشفات، ولأتباعه وأصحابه فيه مقالات، ويذكرون عنه أقوالا وأفعالا ومكاشفات أكثرها مغالاة، وقد كان صالحا ورعا، وقد صنف كتاب الغنية وفتوح الغيب، وفيهما أشياء حسنة، وذكر فيهما أحاديث ضعيفة وموضوعة، وبالجملة كان من سادات المشايخ، [توفي] وله تسعون سنة ودفن بالمدرسة التي كانت له.
ثم دخلت سنة ثنتين وستين وخمسمائة فيها أقبلت الفرنج في جحافل كثيرة إلى الديار المصرية، وساعدهم المصريون فتصرفوا في