وليس يحابي الدهر في دورانه * أراذل أهليه ولا السادة الزهرا وكيف وقد مات النبي وصحبه * وأزواجه طرا وفاطمة الزهرا وله أيضا:
يا قاصدا علم الحديث لدينه * إذ ضل عن طرق الهداية وهمه إن العلوم كما علمت كثيرة * وأجلها فقه الحديث وعلمه من كان طالبه وفيه تيقظ * فأتم سهم في المعالي سهمه لولا الحديث وأهله لم يستقم * دين النبي وشذ عنا حكمه وإذا استراب بقولنا متحذلق * ما كل فهم في البسيطة فهمه ثم دخلت سنة سبع وسبعين وخمسمائة استهلت وصلاح الدين مقيم بالقاهرة مواظب على سماع الحديث، وجاءه كتاب من نائبه بالشام عز الدين فروخ شاه يخبره فيه بما من الله به على الناس من ولادة النساء بالتوأم جبرا لما كان أصابهم من الوباء بالعام الماضي والفناء، وبأن الشام مخصبة بإذن الله لما كان أصابهم من الغلاء. وفي شوال توجه الملك صلاح الدين إلى الإسكندرية لينظر ما أمر به من تحصين سورها وعمارة أبراجها وقصورها، وسمع بها موطأ مالك على الشيخ أبي طاهر بن عوف، عن الطرطوشي، وسمع معه العماد الكاتب، وأرسل القاضي الفاضل رسالة إلى السلطان يهنئه بهذا السماع.
وفاة الملك الصالح بن نور الدين الشهيد صاحب حلب وما جرى بعده من الأمور كانت وفاته في الخامس والعشرين من رجب من هذه السنة (1) بقلعة حلب، ودفن بها، وكان سبب وفاته فيما قيل أن الأمير علم الدين سليمان بن حيدر سقاه سما في عنقود عنب في الصيد، وقيل بل سقاه ياقوت الأسدي في شراب فاعتراه قولنج فما زال كذلك حتى مات وهو شاب حسن الصورة، بهي المنظر، ولم يبلغ عشرين سنة (2)، وكان من أعف الملوك ومن أشبه أباه فما ظلم، وصف له الأطباء في مرضه شرب الخمر فاستفتى الفقهاء في شربها تداويا فأفتوه بذلك، فقال: أيزيد شربها في أجلي أو ينقص منه تركها شيئا؟ قالوا: لا. قال: فوالله لا أشربها وألقى الله وقد شربت ما حرمه