القبض على الخليفة، فعند ذلك كاتب الخليفة محمد بن ميكائيل بن سلجوق الملقب طغرلبك يستنهضه على المسير إلى العراق، فانفض أكثر من كان مع البساسيري وعادوا إلى بغداد سريعا، ثم أجمع رأيهم على قصد دار البساسيري وهي في الجانب الغربي فأحرقوها، وهدموا أبنيتها، ووصل السلطان طغرلبك إلى بغداد في رمضان سنة سبع وأربعين، وقد تلقاه إلى أثناء الطريق الامراء والوزراء والحجاب، ودخل بغداد في أبهة عظيمة جدا، وخطب له بها ثم بعده للملك الرحيم، ثم قطعت خطبة الملك الرحيم، ورفع إلى القلعة (1) معتقلا عليه، وكان آخر ملوك بني بويه، وكانت مدة ولايتهم قريب المائة والعشر سنين، وكان ملك الملك الرحيم لبغداد ست سنين وعشرة أيام (2)، ونزل طغرلبك دار المملكة بعد الفراغ من عمارتها، ونزل أصحابه دور الأتراك وكان معه ثمانية أفيلة، ووقعت الفتنة بين الأتراك والعامة ونهب الجانب الشرقي بكماله، وجرت خبطة عظيمة. وأما البساسيري فإنه فر من الخليفة إلى بلاد الرحبة وكتب إلى صاحب مصر بأنه على إقامة الدعوى له بالعراق، فأرسل إليه بولاية الرحبة ونيابته بها، ليكون على أهبة الامر الذي يريد.
وفي يوم الثلاثاء عاشر ذي القعدة قلد أبو عبد الله محمد بن علي الدامغاني قضاء القضاة، وخلع عليه به، وذلك بعد موت ابن ماكولا، ثم خلع الخليفة على الملك طغرلبك بعد دخوله بغداد بيوم، ورجع إلى داره وبين يديه الدبادب والبوقات.
وفي هذا الشهر توفي ذخيرة الدين أبو العباس محمد بن الخليفة القائم بأمر الله، وهو ولي عهد أبيه فعظمت الرزية به، وفيها استولى أبو كامل علي بن محمد الصليحي الهمداني على أكثر أعمال اليمن، وخطب للفاطميين، وقطع خطبة العباسيين. وفيها كثر فساد الغز ونهبوا دواب الناس حتى بيع الثور بخمسة قراريط. وفيها اشتد الغلاء بمكة وعدمت الأقوات، وأرسل الله عليهم جرادا فتعوضوا به عن الطعام. ولم يحج أحد من أهل العراق.
وممن توفي فيها من الأعيان...
الحسن بن علي ابن جعفر بن علي بن محمد بن دلف بن أبي دلف بن العجلي قاضي القضاة، المعروف بابن ماكولا الشافعي، وقد ولي القضاء بالبصرة، ثم ولي قضاء القضاة ببغداد سنة عشرين وأربعمائة في خلافة المقتدر، وأقره ابنه القائم إلى أن مات في هذه السنة، عن تسع وسبعين سنة، منها في القضاء سبع