تلك السنة سبع مرات، فنمت فرأيت ذات ليلة كأن القيامة قد قامت وقائل يقول: أين ابن الخاضبة؟ فجئت فأدخلت الجنة فلما دخلتها استلقيت على قفاي ووضعت إحدى رجلي على الأخرى وقلت: استرحت من النسخ، ثم استيقظت والقلم في يدي والنسخ بين يدي.
أبو المظفر السمعاني (1) منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد بن محمد، أبو المظفر السمعاني، الحافظ، من أهل مرو، تفقه أولا على أبيه في مذهب أبي حنيفة، ثم انتقل إلى مذهب الشافعي فأخذ عن أبي إسحاق وابن الصباغ، وكانت له يد طولى في فنون كثيرة، وصنف التفسير وكتاب الانتصار في الحديث، والبرهان والقواطع في أصول الفقه، والاصطلام وغير ذلك، ووعظ في مدينة نيسابور، وكان يقول: ما حفظت شيئا فنسيته، وسئل عن أخبار الصفات فقال: عليكم بدين العجائز وصبيان الكتاتيب، وسئل عن الاستواء فقال:
جئتماني لتعلما سر سعدى * تجداني بسر سعدى شحيحا إن سعدى لمنية المتمني * جمعت عفة ووجها صبيحا توفي في ربيع الأول من هذه السنة، ودفن في مقبرة مرو رحمه الله تعالى وإيانا آمين.
ثم دخلت سنة تسعين وأربعمائة من الهجرة فيها كان ابتداء ملك الخوارزمية، وذلك أن السلطان بركيارق ملك فيها بلاد خراسان بعد مقتل عمه أرسلان أرغون بن ألب أرسلان وسلمها إلى أخيه المعروف بالملك سنجر، وجعل إتابكه الأمير قماج، ووزيره أبو الفتح علي بن الحسين الطغرائي، واستعمل على خراسان الأمير حبشي بن البرشاق (2)، فولى مدينة خوارزم شابا يقال له محمد بن أنوشتكين، وكان أبوه من أمراء السلاجقة، ونشأ هو في أدب وفضيلة وحسن سيرة، ولما ولي مدينة خوارزم لقب خوارزم شاه، وكان أول ملوكهم، فأحسن السيرة وعامل الناس بالجميل، وكذلك ولده من بعد إتسز (3) جرى على سيرة أبيه، وأظهر العدل، فحظي عند السلطان سنجر وأحبه الناس، وارتفعت منزلته. وفيها خطب الملك رضوان بن تاج الملك تتش للخليفة الفاطمي المستعلي، وفي شوال قتل رجل باطني عند باب