حدود سنة خمسمائة لما أشرفت الفرنج على أخذ صقلية، فأكرمه المصريون وبالغوا في إكرامه، وكان ينسب إلى التساهل في الدين، وله شعر جيد قوي، مات وقد جاوز الثمانين (1).
أبو القاسم شاهنشاه الأفضل بن أمير الجيوش بمصر، مدبر دولة الفاطميين، وإليه تنسب قيسرية أمير الجيوش بمصر، والعامة تقول مرجوش، وأبوه باني الجامع الذي بثغر الإسكندرية بسوق العطارين، ومشهد الرأس بعسقلان أيضا، وكان أبوه نائب المستنصر على مدينة صور، وقيل على عكا، ثم استدعاه إليه في فصل الشتاء فركب البحر فاستنابه على ديار مصر، فسدد الأمور بعد فسادها، ومات في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وقام في الوزارة ولده الأفضل هذا، وكان كأبيه في الشهامة والصرامة، ولما مات المستنصر أقام المستعلي واستمرت الأمور على يديه، وكان عادلا حسن السيرة، موصوفا بجودة السريرة فالله أعلم، ضربه فداوى وهو راكب فقتله في رمضان من هذه السنة، عن سبع وخمسين سنة، وكانت إمارته من ذلك بعد أبيه ثمان وعشرين سنة، وكانت داره دار الوكالة اليوم بمصر، وقد وجد له أموال عديدة جدا، تفوق العد والاحصاء، من القناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث، والجواهر النفائس، فانتقل ذلك كله إلى الخليفة الفاطمي فجعل في خزانته، وذهب جامعه إلى سواء الحساب، على الفتيل من ذلك والنقير والقطمير واعتاض عنه الخليفة بأبي عبد الله البطائحي، ولقبه المأمون. قال ابن خلكان: ترك الأفضل من الذهب العين ستمائة ألف ألف دينار مكررة، ومن الدراهم مائتين وخمسين أردبا، وسبعين ثوب ديباج أطلس، وثلاثين راحلة أحقاق ذهب عراقي، ودواة ذهب فيها جوهرة بإثني عشر ألف دينار، ومائة مسمار ذهب زنة كل مسمار مائة مثقال، في عشرة مجالس كان يجلس فيها، على كل مسمار منديل مشدود بذهب، كل منديل على لون من الألوان من ملابسه، وخمسمائة صندوق كسوة للبس بدنه، قال: وخلف من الرقيق والخيل والبغال والمراكب والمسك والطيب والحلى ما لا يعلم قدره إلا الله عز وجل، وخلف من البقر والجواميس والغنم ما يستحيي الانسان من ذكره، وبلغ ضمان ألبانها في سنة وفاته ثلاثين ألف دينار، وترك صندوقين كبيرين مملوءين إبر ذهب برسم النساء.
عبد الرزاق بن عبد الله ابن علي بن إسحاق الطوسي، ابن أخي نظام الملك، تفقه بإمام الحرمين، وأفتى ودرس وناظر، ووزر للملك سنجر.