مجلد. قال ابن الجوزي: جمع فيه العجب، وتكلم على قوله تعالى (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان) [البقرة: 102] في مجلد كامل. وقال ابن عقيل: كان طويل اللسان بالعلم تارة، وبالشعر أخرى، وقد سمع الحديث من أبي عمر بن مهدي وغيره، ومات ببغداد عن ست وتسعين سنة. وما تزوج إلا في آخر عمره.
أبو شجاع الوزير محمد بن الحسين بن عبد الله بن إبراهيم، أبو شجاع، الملقب ظهير الدين، الروذراوري (1) الأصل الأهوازي المولد، كان من خيار الوزراء كثير الصدقة والاحسان إلى العلماء والفقهاء، وسمع الحديث من الشيخ أبي إسحاق الشيرازي وغيره، وصنف كتبا، منها كتابه الذي ذيله على تجارب الأمم. ووزر للخليفة المقتدي وكان يملك ستمائة ألف دينار، فأنفقها في سبيل الخيرات والصدقات، ووقف الوقوف الحسنة، وبنى المشاهد، وأكثر الانعام على الأرامل والأيتام. قال له رجل: إلى جانبنا أرملة لها أربعة أولاد وهم عراة وجياع، فبعث إليهم مع رجل من خاصته نفقة وكسوة وطعاما، ونزع عنه ثيابه في البرد الشديد، وقال: والله لا ألبسها حتى ترجع إلى بخبرهم، فذهب الرجل مسرعا بما أرسله على يديه إليهم، ثم رجع إليه فأخبره أنهم فرحوا بذلك ودعوا للوزير، فسر بذلك ولبس ثيابه. وجئ إليه مرة بقطائف سكرية فلما وضعت بين يديه تنغص عليه بمن لا يقدر عليها، فأرسلها كلها إلى المساجد، وكانت كثيرة جدا، فأطعمها الفقراء والعميان وكان لا يجلس في الديوان إلا وعنده الفقهاء، فإذا وقع له أمر مشكل سألهم عنه فحكم بما يفتونه، وكان كثير التواضع مع الناس، خاصتهم وعامتهم، ثم عزل عن الوزارة فسار إلى الحج وجاور بالمدينة ثم مرض، فلما ثقل في المرض جاء إلى الحجرة النبوية فقال: يا رسول الله قال الله تعالى (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) [النساء: 64] وها أنا قد جئتك أستغفر الله من ذنوبي وأرجو شفاعتك يوم القيامة، ثم مات من يومه ذلك رحمه الله، ودفن في البقيع.
القاضي أبو بكر الشاشي (2) محمد بن المظفر بن بكران (3) الحموي أبو بكر الشاشي (2)، ولد سنة أربعمائة، وتفقه ببلده،