جليل لم يسبق إليه، ولا يلحق فيه، إلا ما استدرك عليه ابن نقطة في كتاب سماه الاستدراك. قتله مماليكه في كرمان في هذه السنة، وكان مولده في سنة عشرين وأربعمائة، وعاش خمسا وخمسين سنة.
قال ابن خلكان: وقيل إنه قتل في سنة تسع وسبعين، وقيل في سنة سبع وثمانين. قال: وقد كان أبوه وزير القائم بأمر الله، وعمه عبد الله بن الحسين ولي قضاء بغداد. قال: ولم أدر لم سمي الأمير إلا أن يكون منسوبا إلى جده الأمير أبي دلف، وأصله من جرباذقان، وولد في عكبرا في شعبان سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. قال: وقد كان الخطيب البغدادي صنف كتاب المؤتنف جمع فيه بين كتابي الدارقطني وعبد الغني بن سعيد في المؤتلف والمختلف، فجاء ابن ماكولا وزاد على الخطيب وسماه كتاب الاكمال، وهو في غاية الإفادة ورفع الالتباس والضبط. ولم يوضع مثله، ولا يحتاج هذا الأمير بعده إلى فضيلة أخرى، ففيه دلالة على كثرة اطلاعه وضبطه وتحريره وإتقانه. ومن الشعر المنسوب إليه قوله:
قوض خيامك عن أرض تهان بها * وجانب الذل إن الذل يجتنب وارحل إذا كان في الأوطان منقصة * فالمندل الرطب في أوطانه حطب ثم دخلت سنة ست وسبعين وأربعمائة فيها عزل عميد الدولة بن جهير عن وزارة الخلافة فسار بأهله وأولاده إلى السلطان، وقصدوا نظام الملك وزير السلطان، فعقد لولده فخر الدولة على بلاد ديار بكر، فسار إليها بالخلع والكوسات والعساكر، وأمر أن ينتزعها من ابن مروان، وأن يخطب لنفسه وأن يذكر اسمه على السكة، فما زال حتى انتزعها من أيديهم، وباد ملكهم على يديه كما سيأتي بيانه، وسد وزارة الخلافة أبو الفتح مظفر ابن رئيس الرؤساء، ثم عزل في شعبان واستوزر أبو شجاع محمد بن الحسين، ولقب ظهير الدين، وفي جمادى الآخرة ولى مؤيد الملك أبا سعيد (1) عبد الرحمن بن المأمون، المتولي تدريس النظامية بعد وفاة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وفيها عصى أهل حران على شرف الدولة مسلم بن قريش، فجاء فحاصرها ففتحها وهدم سورها وصلب قاضيها ابن حلبة وابنيه على السور. وفي شوال منها قتل أبو المحاسن بن أبي الرضا، وذلك لأنه وشى إلى السلطان في نظام الملك، وقال له سلمهم إلي حتى أستخلص لك منهم ألف ألف دينار، فعمل نظام الملك سماطا هائلا، واستحضر غلمانه وكانوا ألوفا من الأتراك، وشرع يقول للسلطان: هذا كله من أموالك، وما وقفته من المدارس والربط، وكله شكره لك في الدنيا وأجره لك في الآخرة، وأموالي وجميع ما أملكه بين يديك، وأنا أقنع بمرقعة وزاوية، فعند ذلك أمر السلطان بقتل أبي المحاسن، وقد كان حضيا عنده، وخصيصا به وجيها