أحمد بن عبد الله بن سليمان ابن محمد بن سليمان بن أحمد سليمان بن داود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحرث بن ربيعة بن أنور بن أسحم بن أرقم بن النعمان بن عدي بن غطفان بن عمرو بن بريح بن خزيمة (1) بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة أبو العلاء المعري التنوخي الشاعر، المشهور بالزندقة، اللغوي، صاحب الدواوين والمصنفات في الشعر واللغة، ولد يوم الجمعة عند غروب الشمس لثلاث بقين من ربيع الأول سنة ثلاث وستين وثلاثمائة وأصابه جدري وله أربع سنين أو سبع، فذهب بصره، وقال الشعر وله إحدى أو ثنتا عشرة سنة، ودخل بغداد سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، فأقام بها سنة وسبعة أشهر، ثم خرج منها طريدا منهزما ولأنه سأل سؤالا بشعر يدل على قلة دينه وعلمه وعقله فقال:
تناقض فما لنا إلا السكوت له * وأن نعوذ بمولانا من النار يد بخمس مئين عسجد وديت * ما بالها قطعت في ربع دينار وهذا من إفكه يقول: اليد ديتها خمسمائة دينار، فما لكم تقطعونها إذا سرقت ربع دينار، وهذا من قلة عقله وعلمه، وعمى بصيرته. وذلك أنه إذا جنى عليه يناسب أن يكون ديتها كثيرة لينزجر الناس عن العدوان، وأما إذا جنت هي بالسرقة فيناسب أن تقل قيمتها وديتها لينزجر الناس عن أموال الناس وتصان أموالهم، ولهذا قال بعضهم: كانت ثمينة لما كانت أمينة، فلما خانت هانت. ولما عزم الفقهاء على أخذه بهذا وأمثاله هرب ورجع إلى بلده، ولزم منزله فكان لا يخرج منه. وكان يوما عند الخليفة وكان الخليفة يكره المتنبي ويضع منه، وكان أبو العلاء يحب المتنبي ويرفع من قدره ويمدحه، فجرى ذكر المتنبي في ذلك المجلس فذمه الخليفة، فقال أبو العلاء: لو لم يكن للمتنبي إلا قصيدته التي أولها * لك يا منازل في القلوب منازل * لكفاه ذلك. فغضب الخليفة وأمر به فسحب برجله على وجهه وقال: أخرجوا عني هذا الكلب. وقال الخليفة: أتدرون ما أراد هذا الكلب من هذه القصيدة؟ وذكره لها؟ أراد قول المتنبي فيها:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص * فهي الدليل علي أني كامل وإلا فالمتنبي له قصائد أحسن من هذه، وإنما أراد هذا. وهذا من فرط ذكاء الخليفة، حيث تنبه لهذا. وقد كان المعري أيضا من الأذكياء، ومكث المعري خمسا وأربعين سنة من عمره لا يأكل اللحم ولا اللبن ولا البيض، ولا شيئا من حيوان، على طريقة البراهمة الفلاسفة، ويقال إنه اجتمع براهب في بعض الصوامع في مجيئه من بعض السواحل آواه الليل عنده، فشككه في دين الاسلام،