المستحفظين على بعض الأبراج، وهرب صاحبها باغيسيان في نفر يسير، وترك بها أهله وماله، ثم إنه ندم في أثناء الطريق ندما شديدا على ما فعل، بحيث إنه غشي عليه وسقط عن فرسه، فذهب أصحابه وتركوه، فجاء راعي غنم فقطع رأسه وذهب به إلى ملك الفرنج، ولما بلغ الخبر إلى الأمير كربوقا صاحب الموصل جمع عساكر كثيرة، واجتمع عليه دقاق صاحب دمشق، وجناح الدولة صاحب حمص، وغيرهما، وسار إلى الفرنج فالتقوا معهم بأرض إنطاكية فهزمهم الفرنج وقتلوا منهم خلقا كثيرا، وأخذوا منهم أموالا جزيلة، فإنا لله وإنا إليه راجعون. ثم صارت الفرنج إلى معرة النعمان فأخذوها بعد حصار فلا حول ولا قوة إلا بالله. ولما بلغ هذا الامر الفظيع إلى الملك بركيارق شق عليه ذلك وكتب إلى الامراء ببغداد أن يتجهزوا هم والوزير ابن جهير لقتال الفرنج، فبرز بعض الجيش إلى ظاهر البلد بالجانب الغربي ثم انفسخت هذه العزيمة لأنهم بلغهم أن الفرنج في ألف ألف مقاتل فلا حول ولا قوة إلا بالله. وحج بالناس فيها خمارتكين.
وممن توفي فيها من الأعيان...
طراد بن محمد بن علي ابن الحسن بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم الامام بن محمد بن علي بن عباس، أبو الفوارس بن أبي الحسن بن أبي القاسم بن أبي تمام، من ولد زيد ابن بنت سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس، وهي أم ولده عبد الله بن محمد بن إبراهيم الامام بن محمد بن عبد الله بن عباس، سمع الحديث الكثير، والكتب الكبار، وتفرد بالرواية عن جماعة، ورحل إليه من الآفاق وأملى الحديث في بلدان شتى، وكان يحضر مجلسه العلماء والسادات وحضر أبو عبد الله الدامغاني مجلسه، وباشر نقابة الطالبيين مدة طويلة، وتوفي عن نيف وتسعين سنة، ودفن في مقابر الشهداء رحمه الله.
المظفر أبو الفتح ابن رئيس الرؤساء أبو القاسم ابن المسلمة كانت داره مجمعا لأهل العلم والدين والأدب، وبها توفي الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، ودفن عند الشيخ أبي إسحاق في تربته.
ثم دخلت سنة ثنتين وتسعين وأربعمائة وفيها أخذت الفرنج بيت المقدس.
لما كان ضحى يوم الجمعة لسبع بقين من شعبان سنة ثنتين وتسعين وأربعمائة، أخذت الفرنج.