منصور بن الحسين أبو الفوارس الأسدي، صاحب الجزيرة، توفي فيها وأقاموا ولده بعده (1).
ثم دخلت سنة إحدى وخمسين وأربعمائة استهلت هذه السنة وبغداد في حكم البساسيري، يخطب فيها لصاحب مصر الفاطمي، والخليفة العباسي بحديثة عانة، ثم لما كان يوم الاثنين ثاني عشر صفر أحضر القضاة أبا عبد الله الدامغاني وجماعة من الوجوه والأعيان والأشراف، وأخذ عليهم البيعة لصاحب مصر المستنصر الفاطمي، ثم دخل دار الخلافة وهؤلاء المذكورون معه وأمر بنقض تاج دار الخلافة، فنقض بعض الشراريف، ثم قيل له إن القبح في هذا أكثر من المصلحة. فتركه، ثم ركب إلى زيارة المشهد بالكوفة، وعزم على عبور نهر جعفر ليسوق الحائر لوفاء نذر كان عليه، وأمر بأن تنقل جثة ابن مسلمة إلى ما يقارب الحريم الظاهري، وأن تنصب على دجلة. وكتبت إليه أم الخليفة - وكانت عجوزا كبيرة قد بلغت التسعين وهي مختفية في مكان - تشكو إليه الحاجة والفقر وضيق الحال، فأرسل إليها من نقلها إلى الحريم، وأخدمها جاريتين، ورتب لها كل يوم اثني عشر رطلا من خبز، وأربعة أرطال من لحم.
فصل ولما خلص السلطان طغرلبك من حصره بهمذان وأسر أخاه إبراهيم وقتله، وتمكن في أمره، وطابت نفسه، ولم يبق له في تلك البلاد منازع، كتب إلى قريش بن بدران يأمره بأن يعيد الخليفة إلى وطنه، وداره وتوعده على أنه إن لم يفعل ذلك وإلا أحل به بأسا شديدا، فكتب إليه قريش يتلطف به ويدخل عليه، ويقول: أنا معك على البساسيري بكل ما أقدر عليه، حتى يمكنك الله منه، ولكن أخشى أن أتسرع في أمر يكون فيه على الخليفة مفسدة، أو تبدر إليه بادرة سوء يكون علي عارها، ولكن سأعمل على ما أمرتني به بكل ما يمكنني، وأمر برد امرأة الخليفة خاتون إلى دارها وقرارها، ثم إنه راسل البساسيري بعود الخليفة إلى داره، وخوفه من جهة الملك طغرلبك، وقال له فيما قال:
إنك دعوتنا إلى طاعة المستنصر الفاطمي، وبيننا وبينه ستمائة فرسخ، ولم يأتنا رسول ولا أحد من عنده ولم يفكر في شئ مما أرسلنا إليه، وهذا الملك من ورائنا بالمرصاد، قريب منا، وقد جاءني منه كتاب عنوانه: إلى الأمير الجليل علم الدين أبي المعالي قريش بن بدران، مولى أمير المؤمنين، من