ثم دخلت سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة في يوم الخميس السابع عشر من صفر، دخل السلطان بغداد مرجعه من واسط، بعد قتل البساسيري، وفي يوم الحادي والعشرين جلس الخليفة في داره وأحضر الملك طغرلبك، ومد سماطا عظيما فأكل الامراء منه والعامة، ثم في يوم الخميس ثاني ربيع الأول عمل السلطان سماطا للناس، وفي يوم الثلاثاء تاسع جمادى الآخرة قدم الأمير عدة الدين أبو القاسم عبد الله بن ذخيرة الدين بن أمير المؤمنين القائم بأمر الله. وعمته، وله من العمر يومئذ أربع سنين، صحبة أبي الغنائم، فتلقاه الناس إجلالا لجده، وقد ولي الخلافة بعد ذلك، وسمي المقتدي بأمر الله. وفي رجب وقف أبو الحسن محمد بن هلال العتابي دار كتب، وهي دار بشارع ابن أبي عوف من غربي بغداد، ونقل إليها ألف كتاب، عوضا عن دار أزدشير التي أحرقت بالكرخ. وفي شعبان ملك محمود بن نصر حلب وقلعتها فامتدحه الشعراء. وفيها ملك عطية بن مرداس الرحبة، وذلك كله منتزع من أيدي الفاطميين. ولم يحج أحد من أهل العراق فيها، غير أن جماعة اجتمعوا إلى الكوفة وذهبوا مع الخفراء.
وممن توفي فيها من الأعيان...
أبو منصور الجيلي من تلاميذ أبي حامد، ولي القضاء بباب الطاق. وبحريم دار الخلافة، وسمع الحديث من جماعة. قال الخطيب: وكتبنا عنه وكان ثقة.
الحسن بن محمد ابن أبي الفضل أبو محمد الفسوي، الوالي، سمع الحديث، وكان ذكيا في صناعة الولاية، ومعرفة التهم والمتهومين من الغرماء، بلطيف من الصنيع، كما نقل عنه أنه أوقف بين يديه جماعة اتهموا بسرقة فأتى بكوز يشرب منه، فرمي به فانزعج الواقفون إلا واحدا، فأمر به أن يقرر، وقال السارق يكون جريئا قويا، فوجد الامر كذلك، وقد قتل مرة رجلا في ضرب بين يديه فادعى عليه عند القاضي أبي الطيب، فحكم عليه بالقصاص، ثم فادى عن نفسه بمال جزيل حتى خلص.
محمد بن عبيد الله ابن أحمد بن محمد بن عمروس، أبو الفضل البزار، انتهت إليه رياسة الفقهاء المالكيين