ثم دخلت سنة تسع عشرة وخمسمائة فيها قصد دبيس والسلطان طغرل بغداد ليأخذاها من يد الخليفة، فلما اقتربا منها برز إليهما الخليفة في جحفل عظيم، والناس مشاة بين يديه إلى أول منزلة، ثم ركب الناس بعد ذلك، فلما أمست الليلة التي يقتتلون في صبيحتها، ومن عزمهم أن ينهبوا بغداد، أرسل الله مطرا عظيما، ومرض السلطان طغرل في تلك الليلة، فتفرقت تلك الجموع ورجعوا على أعقابهم خائبين خائفين، والتجأ دبيس وطغرل إلى الملك سنجر وسألاه الأمان من الخليفة، والسلطان محمود، فحبس دبيسا في قلعة ووشى واش أن الخليفة يريد أن يستأثر بالملك، وقد خرج من بغداد إلى اللان لمحاربة الأعداء، فوقع في نفس سنجر من ذلك وأضمر سوء، مع أنه قد زوج ابنته من الخليفة. وفيها قتل القاضي أبو سعد بن نصر بن منصور الهروي بهمدان، قتلته الباطنية، وهو الذي أرسله الخليفة إلى سنجر ليخطب ابنته. وحج بالناس قطز الخادم.
وممن توفي فيها من الأعيان..
آقسنقر البرشقي (1) صاحب حلب، قتلته الباطنية - وهم الفداوية - في مقصورة جامعها يوم الجمعة، وقد كان تركيا جيد السيرة، محافظا على الصلوات في أوقاتها، كثير البر والصدقات إلى الفقراء، كثير الاحسان إلى الرعايا، وقام في الملك بعده ولده السلطان عز الدين مسعود، وأقره السلطان محمود على عمله.
بلال (2) بن عبد الرحمن ابن شريح بن عمر بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن سليمان بن بلال بن رباح، مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رحل وجال في البلاد، وكان شيخا جهوري الصوت، حسن القراءة، طيب النغمة توفي في هذه السنة بسمرقند رحمه الله.
القاضي أبو سعد الهروي أحمد (3) بن نصر، أحد مشاهير الفقهاء، وسادة الكبراء، قتلته الباطنية بهمذان فيها.