برهان الدين أبو الحسن بن علي البلخي شيخ الحنفية بدمشق، درس بالبلخية ثم بالخاتونية البرانية، وكان عالما عاملا، ورعا زاهدا.
ودفن بمقابر باب الصغير.
ثم دخلت سنة سبع وأربعين وخمسمائة فيها توفي السلطان مسعود وقام بالامر من بعده أخوه ملكشاه بن محمود، ثم جاء السلطان محمد وأخذ الملك واستقر له، وقتل الأمير خاص بك، وأخذ أمواله وألقاه للكلاب، وبلغ الخليفة أن واسط قد تخبطت أيضا، فركب إليها في الجيش في أبهة عظيمة، وأصلح شأنها، وكر على الكوفة والحلة، ثم عاد إلى بغداد فزينت له البلد. وفيها ملك عبد المؤمن صاحب المغرب بجاية وهي بلاد بني حماد، فكان آخر ملوكهم يحيى بن عبد العزيز بن حماد، ثم جهز عبد المؤمن جيشا إلى صنهاجة فحاصرها، وأخذ أموالها. وفيها كانت وقعة عظيمة بين نور الدين الشهيد وبين الفرنج (1)، فكسرهم وقتل منهم خلقا ولله الحمد. وفيها اقتتل السلطان سنجر وملك الغور علاء الدين الحسين ابن الحسين أول ملوكهم، فكسره سنجر وأسره، فلما أحضره بين يديه قال له: ماذا كنت تصنع بي لو أسرتني؟ فأخرج قيدا من فضة وقال: كنت أقيدك بهذا. فعفى عنه وأطلقه إلى بلاده، فسار إلى غزنة فانتزعها من يد صاحبها بهرام شاه البسكتكيني، واستخلف عليها أخاه سيف الدين فغدر به أهل البلد وسلموه إلى بهرام شاه فصلبه، ومات بهرام شاه قريبا فسار إليه علاء الدين فهرب خسرو بن بهرام شاه عنها، فدخلها علاء الدين فنهبها ثلاثة أيام، وقتل من أهلها بشرا كثيرا، وسخر أهلها فحملوا ترابا في مخالي إلى محلة هنالك بعيدة عن البلد، فعمر من ذلك التراب قلعة معروفة إلى الآن، وبذلك انقضت دولة بني سبكتكين عن بلاد غزنة وغيرها، وقد كان ابتداء أمرهم في سنة ست وستين وثلاثمائة إلى سنة سبع وأربعين وخمسمائة، وكانوا من خيار الملوك، وأكثرهم جهادا في الكفرة، وأكثرهم أموالا ونساء وعددا وعددا، وقد كسروا الأصنام وأبادوا الكفار، وجمعوا من الأموال ما لم يجمع غيرهم من الملوك، مع أن بلادهم كانت من أطيب البلاد وأكثرهم ريفا ومياها ففني جميعه وزال عنهم (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير) [آل عمران: 26] ثم ملك الغور والهند وخراسان، واتسعت ممالكهم وعظم سلطان علاء الدين بعد الأسر، وحكى ابن الجوزي أن في هذه السنة باض ديك بيضة واحدة، ثم باض بازي بيضتين، وباضت نعامة من غير ذكر، وهذا شئ عجيب.