لولا تعلل قلبي بالرجاء لهم * ألفيته إن حدوا بالعيس ينفطر يا ليت عيسهم يوم النوى نحرت * أوليتها للضواري بالفلا جزر يا ساعة البين أنت الساعة اقتربت * يا لوعة البين أنت النار تستعر وقوله:
طلبت صديقا في البرية كلها * فأعيا طلابي أن أصيب صديقا بلى من سمي بالصديق مجازه * ولم يك في معنى الوداد صدوقا فطلقت ود العالمين ثلاثة * وأصبحت من أسر الحفاظ طليقا ثم دخلت سنة ثلاث وستين وأربعمائة وفيها أقبل ملك الروم أرمانوس في جحافل أمثال الجبال من الروم والكرج (1) والفرنج، وعدد عظيم وعدد، ومعه خمسة وثلاثون ألفا من البطارقة، مع كل بطريق مائتا ألف فارس، ومعه من الفرنج خمسة وثلاثون ألفا، ومن الغزاة الذين يسكنون القسطنطينية، خمسة عشر ألفا، ومعه مائة ألف نقاب وحفار، وألف روزجاري، ومعه أربعمائة عجلة تحمل النعال والمسامير، وألفا عجلة تحمل السلاح والسروج والغرادات والمناجيق، منها منجنيق عدة ألف ومائتا رحل، ومن عزمه قبحه الله أن يبيد الاسلام وأهله، وقد أقطع بطارقته البلاد حتى بغداد، واستوصى نائبها بالخليفة خيرا، فقال له: ارفق بذلك الشيخ فإنه صاحبنا، ثم إذا استوثقت ممالك العراق وخراسان لهم مالوا على الشام وأهله ميلة واحدة، فاستعادوه من أيدي المسلمين، والقدر يقول: (لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون) [الحجر: 72] فالتقاه السلطان ألب أرسلان في جيشه وهم قريب من عشرين ألفا (2)، بمكان يقال له الزهوة، في يوم الأربعاء لخمس بقين من ذي القعدة، وخاف السلطان من كثرة جند ملك الروم (3)، فأشار عليه الفقيه أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري بأن يكون وقت الوقعة يوم الجمعة بعد الزوال حين يكون الخطباء يدعون للمجاهدين، فلما كان ذلك الوقت وتواقف الفريقان وتواجه الفتيان، نزل السلطان عن فرسه وسجد لله عز وجل، ومرغ وجهه في التراب ودعا الله واستنصره، فأنزل نصره على المسلمين، ومنحهم أكتافهم فقتلوا منهم خلقا كثيرا، وأسر ملكهم