كان منه إلى الخليفة المقتفي، وأهل بغداد وحصارهم وأذيتهم، ثم قال: وهذه الخزائن والأموال والجواهر لو قبلهم ملك الموت مني فداء لجدت بذلك جميعه له، وهذه الحظايا والجواري الحسان والمماليك لو قبلهم فداء مني لكنت بذلك سمحا له. ثم قال: (ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه) [الحاقة: 28] ثم فرق شيئا كثيرا من ذلك من تلك الحواصل والأموال، وتوفي عن ولد صغير، واجتمعت العساكر والامراء على عمه سليمان شاه بن محمد بن ملكشاه، وكان مسجونا بالموصل فأفرج عنه وانعقدت له السلطنة، وخطب له على منابر تلك البلاد سوى بغداد والعراق.
والله سبحانه أعلم ثم دخلت سنة خمس وخمسين وخمسمائة فيها كانت وفاة الخليفة المقتفي بأمر الله.
أبو عبد الله محمد بن المستظهر بالله مرض بالتراقي (1) وقيل بدمل خرج بحلقه، فمات ليلة الأحد ثاني ربيع الأول منها عن ست وستين سنة، إلا ثمانية وعشرين يوما، ودفن بدار الخلافة، ثم نقل إلى الترب، وكانت خلافته أربعا وعشرين سنة وثلاثة أشهر وستة وعشرين (2) يوما، وكان شهما شجاعا مقداما، يباشر الأمور بنفسه، ويشاهد الحروب ويبذل الأموال الكثيرة لأصحاب الاخبار، وهو أول من استبد بالعراق منفردا عن السلطان، من أول أيام الديلم إلى أيامه، وتمكن في الخلافة وحكم على العسكر والامراء، وقد وافق أباه في أشياء: من ذلك مرضه بالتراقي، وموته في ربيع الأول، وتقدم موت السلطان محمد شاه قبله بثلاثة أشهر، وكذلك أبوه المستظهر مات قبله السلطان محمود بثلاثة أشهر وبعد غرق بغداد بسنة مات أبوه، وكذلك هذا. قال عفيف الناسخ: رأيت في المنام قائلا يقول.
إذا اجتمعت ثلاث خاءات مات المقتفي - يعني خمسا وخمسين وخمسمائة.
خلافة المستنجد بالله أبو المظفر يوسف بن المقتفي لما توفي أبوه كما ذكرنا بويع بالخلافة في صبيحة يوم الأحد ثاني ربيع الأول من هذه السنة، بايعه