وستين وأربعمائة، وسمع الكثير، وتفرد بمشايخ، وكان حافظا ضابطا مكثرا من السنة كثير الذكر سريع الدمعة. وقد تخرج به جماعة منهم أبو الفرج بن الجوزي، سمع بقراءته مسند أحمد وغيره من الكتب الكبار، وكان يثني عليه كثيرا، وقد رد على أبي سعد السمعاني في قوله: محمد بن ناصر يحب؟
أن يقع في الناس. قال ابن الجوزي: والكلام في الناس بالجرح والتعديل ليس من هذا القبيل وإنما ابن السمعاني يحب أن يتعصب على أصحاب الإمام أحمد، نعوذ بالله من سوء القصد؟
والتعصب. توفي محمد بن ناصر ليلة الثلاثاء الثامن عشر من شعبان منها، عن ثلاث وثمانين سنة.
وصلي عليه مرات، ودفن بباب حرب.
مجلي بن جميع أبو المعالي المخزومي الأرسوفي ثم المصري قاضيها، الفقيه الشافعي، مصنف الذخائر وفيها غرائب كثيرة وهي من الكتب المفيدة.
ثم دخلت سنة إحدى وخمسين وخمسمائة في المحرم دخل السلطان سليمان شاه بن محمد بن ملكشاه إلى بغداد وعلى رأسه الشمسية، فتلقاه الوزير أبن هبيرة وأدخله على الخليفة، فقبل الأرض وحلفه على الطاعة وصفاء النية والمناصحة والمودة، وخلع عليه خلع الملوك، وتقرر أن للخليفة العراق ولسليمان شاه ما يفتحه من خراسان، ثم خطب له ببغداد بعد الملك سنجر، ثم خرج منها في ربيع الأول فاقتتل هو والسلطان محمد بن محمود بن ملكشاه، فهزمه محمد وهزم عسكره، فذهب مهزوما فتلقاه نائب قطب الدين مودود بن زنكي، صاحب الموصل، فأسره وحبسه بقلعة الموصل، وأكرمه مدة حبسه وخدمه، وهذا من أغرب الاتفاقات. وفيها ملكت الفرنج المهدية من بلاد المغرب بعد حصار شديد. وفيها فتح نور الدين محمود بن زنكي قلعة تل حارم واقتلعها من أيدي الفرنج، وكانت من أحصن القلاع وأمنع البقاع، وذلك بعد قتال عظيم ووقعة هائلة كانت من أكبر الفتوحات (1)، وامتدحه الشعراء عند ذلك. وفيها هرب الملك سنجر من الأسر وعاد إلى ملكه بمرو، وكان له في يد أعدائه نحو من خمس سنين. وفيها ولي عبد المؤمن ملك الغرب أولاده على بلاده، استناب كل واحد منهم على بلد كبير وإقليم متسع (2).