منقذ أحد الشعراء المشهورين، المشكورين، بلغ من العمر ستا وتسعين سنة، وكان عمره تاريخا مستقلا وحده، وكانت داره بدمشق، مكان العزيزية، وكانت معقلا للفضلاء، ومنزلا للعلماء وله أشعار رائقة، ومعان فائقة، ولديه علم غزير، وعنده جود وفضل كثير، وكان من أولاد ملوك شيزر، ثم أقام بمصر مدة في أيام الفاطميين، ثم عاد إلى الشام فقدم على الملك صلاح الدين في سنة سبعين وأنشده:
حمدت على طول عمري المشيبا * وإن كنت أكثرت فيه الذنوبا لأني حييت إلى أن لقيت * بعد العدو صديقا حبيبا وله في سن قلعها وفقد نفعها:
وصاحب لا أمل الدهر صحبته * يشقى لنفعي ويسعى سعي مجتهد لم ألقه مذ تصاحبنا فحين بدا * لناظري افترقنا فرقة الأبد ولد ديوان شعر كبير، وكان صلاح الدين يفضله على سائر الدواوين، وقد كان مولده في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وكان في شبيبته شهما شجاعا، قتل الأسد وحده مواجهة، ثم عمر إلى أن توفي في هذه السنة ليلة الثلاثاء الثالث والعشرين من رمضان، ودفن شرقي جبل قاسيون. قال وزرت قبره وأنشدت له:
لا تستعر جلدا على هجرانهم * فقواك تضعف عن صدود دائم واعلم بأنك إن رجعت إليهم * طوعا وإلا عدت عودة نادم وله أيضا:
وأعجب لضعف يدي عن حملها قلما * من بعد حطم القنا في لبة الأسد وقل لمن يتمنى طول مدته * هذي عواقب طول العمر والمدد قال ابن الأثير: وفيها توفي شيخه.
أبو محمد عبد الله بن علي ابن عبد الله بن سويد التكريتي، كان عالما بالحديث وله تصانيف حسنة.
الحازمي الحافظ قال أبو شامة: وفيها توفي الحافظ أبو بكر محمد بن موسى بن عثمان بن حازم الحازمي الهمداني