والغيب أحيانا يلوح * كأنه ثوب ممسك وكأن تجعيد الريا * لدجلة ثوب مفرك وكأن نشر المسك * ينفخ في النسيم إذا تحرك وكأنما المنثور مصفر * الذرى ذهب مسبك والنور يبسم في الرياض * فإن نظرت إليه سرك شارطت نفسي أن أقوم * بحقها والشرط أملك حتى تولى الليل * منهزما وجاء الصبح يضحك وذا الفتى لو أنه * في طيب العيش يترك والدهر يحسب عمره * فإذا أتاه الشيب فذلك أبو علي بن سينا الطبيب الفيلسوف، الحسين (1) بن عبد الله بن سينا الرئيس، كان بارعا في الطب في زمانه، كان أبوه من أهل بلخ، وانتقل إلى بخارى، واشتغل بها فقرأ القرآن وأتقنه، وهو ابن عشر سنين، وأتقن الحساب والجبر والمقابلة وإقليدس والمجسطي، ثم اشتغل على أبي عبد الله الناتلي الحكيم، فبرع فيه وفاق أهل زمانه في ذلك، وتردد الناس إليه واشتغلوا عليه، وهو ابن ست عشرة سنة، وعالج بعض الملوك السامانية، وهو الأمير نوح بن نصر، فأعطاه جائزة سنية، وحكمه في خزانة كتبه، فرأى فيها من العجائب والمحاسن مالا يوجد في غيرها، فيقال إنه عزا بعض تلك الكتب إلى نفسه، وله في الإلهيات والطبيعيات كتب كثيرة، قال ابن خلكان: له نحو من مائة مصنف، صغار وكبار، منها القانون، والشفا، والنجاة، والإشارات، وسلامان، وإنسان، وحي بن يقظان، وغير ذلك. قال وكان من فلاسفة الاسلام، وأورد له من الاشعار قصيدته في نفسه (2) التي يقول فيها:
هبطت إليك من المقام (3) الا رفع * ورقاء ذات تعزز وتمنع محجوبة عن كل مقلة عارف * وهي التي سفرت ولم تتبرقع وصلت على كره إليك وربما * كرهت فراقك وهي ذات تفجع وهي قصيدة طويلة وله: