محمد بن هبة الله أبو نصر القاضي البندنيجي الضرير الفقيه الشافعي، أخذ عن الشيخ أبي إسحاق ثم جاور بمكة أربعين سنة، يفتي ويدرس ويروي الحديث ويحج، ومن شعره قوله:
عدمتك نفسي ما تملي بطالتي * وقد مر أصحابي وأهل مودتي أعاهد ربي ثم أنقض عهده * وأترك عزمي حين تعرض شهوتي وزادي قليل ما أراه مبلغي * أللزاد أبكي أم لبعد مسافتي؟
ثم دخلت سنة ست وتسعين وأربعمائة فيها حاصر السلطان بركيارق أخاه محمدا بأصبهان، فضاقت على أهلها الأرزاق، واشتد الغلاء عندهم جدا، وأخذ السلطان محمد أهلها بالمصادرة والحصار حولهم من خارج البلد، فاجتمع عليهم الخوف والجوع، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، ثم خرج السلطان محمد من أصبهان هاربا فأرسل أخوه في أثره مملوكه إياز، فلم يتمكن من القبض عليه، ونجا بنفسه سالما.
قال ابن الجوزي: وفي صفر منها زيد في ألقاب قاضي القضاة أبي الحسن بن الدامغاني تاج الاسلام.
وفي ربيع الأول قطعت الخطبة للسلاطين ببغداد، واقتصر على ذكر الخليفة فيها، والدعاء له، ثم التقى الاخوان بركيارق ومحمد، فانهزم محمد أيضا ثم اصطلحا. وفيها ملك دقاق بن تتش صاحب دمشق مدينة الرحبة. وفيها قتل أبو المظفر الخجندي الواعظ بالري، وكان فقيها شافعيا مدرسا، قتله رافضي علوي في الفتنة، وكان عالما فاضلا، كان نظام الملك يزوره ويعظمه. وحج بالناس خمارتكين.
وممن توفي فيها من الأعيان..
أحمد بن علي ابن عبد الله بن سوار، أبو طاهر المقري، صاحب المصنفات في علوم القرآن، كان ثقة ثبتا مأمونا عالما بهذا الشأن، قد جاوز الثمانين.
أبو المعالي أحد الصلحاء الزهاد، ذوي الكرامات والمكاشفات، وكان كثير العبادة متقللا من الدنيا، لا يلبس صيفا ولا شتاء إلا قميصا واحدا، فإذا اشتد البرد وضع على كتفه مئزرا، وذكر أنه أصابته فاقة