الأذكياء، والثقات الامناء، قدم بغداد حاجا في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة، فقرأ عليه الخطيب جميع صحيح البخاري في ثلاث مجالس بروايته له عن أبي الهيثم الكشميهني، عن الفربري عن البخاري، توفي فيها وقد جاوز التسعين (1).
بشرى الفاتني وهو بشرى بن مسيس من سبي الروم، أهداه أمراء بني حمدان الفاتن غلام المطيع، فأدبه وسمع الحديث عن جماعة من المشايخ، وروى عنه الخطيب. وقال: كان صدوقا صالحا دينا، توفي يوم عيد الفطر منها رحمه الله.
محمد بن علي ابن أحمد بن يعقوب بن مروان أبو العلاء الواسطي، وأصله من فم الصلح، سمع الحديث وقرأ القراءات ورواها، وقد تكلموا في روايته في القراءات والحديث فالله أعلم. توفي في جمادى الآخرة منها وقد جاوز الثمانين.
ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة فيها عظم شأن السلجوقية، وارتفع شأن ملكهم طغرلبك، وأخيه داود، وهما ابنا ميكائيل بن سلجوق بن بغاق (2)، وقد كان جدهم بغاق هذا من مشايخ الترك القدماء، الذين لهم رأي ومكيدة ومكانة عند ملكهم الأعظم، ونشأ ولده سلجوق نجيبا شهما، فقدمه الملك ولقبه شباسي (3)، فأطاعته الجيوش وانقاد له الناس بحيث تخوف منه الملك وأراد قتله، فهرب منه إلى بلاد المسلمين، فأسلم فازداد عزا وعلوا، ثم توفي عن مائة وسبع سنين (4)، وخلف أرسلان وميكائيل وموسى، فأما ميكائيل فإنه اعتنى بقتال الكفار من الأتراك، حتى قتل شهيدا، وخلف ولديه طغرلبك محمد، وجعفر بك داود، فعظم شأنهما في بني عمهما، واجتمع عليهما الترك من المؤمنين، وهم ترك الايمان الذين يقول لهم الناس تركمان، وهم السلاجقة بنو سلجوق جدهم هذا، فأخذوا بلاد خراسان بكمالها بعد موت محمود بن سبكتكين، وقد كان يتخوف منهم محمود بعض التخوف،