أبو الحسن (1) القدوري الحنفي، صاحب المصنف المختصر، الذي يحفظ، كان إماما بارعا عالما، وثبتا مناظرا، وهو الذي تولى مناظرة الشيخ أبي حامد الأسفراييني من الحنفية، وكان القدوري يطريه ويقول: هو أعلم من الشافعي، وأنظر منه، توفي يوم الأحد الخامس من رجب منها (2)، عن ست وخمسين سنة، ودفن إلى جانب الفقيه أبي بكر الخوارزمي الحنفي.
ثم دخلت سنة تسع عشرة وأربعمائة فيها وقع بين الجيش وبين جلال الدولة ونهبوا دار وزيره، وجرت له أمور طويلة، آل الحال فيها إلى اتفاقهم على إخراجه من البلد، فهئ له برذون رث، فخرج وفي يده طبر نهارا، فجعلوا لا يلتفتون إليه ولا يفكرون فيه، فلما عزم على الركوب على ذلك البرذون الرث رثوا له ورقوا له ولهيئته وقبلوا الأرض بين يديه، وانصلحت قضيته بعد فسادها. وفيها قل الرطب جدا بسبب هلاك النخل في السنة الماضية بالبرد، فبيع الرطب كل ثلاثة أرطال بدينار جلالي، ووقع برد شديد أيضا فأهلك شيئا كثيرا من النخيل أيضا. ولم يحج أحد من أهل المشرق ولا من أهل الديار المصرية فيها، إلا أن قوما من خراسان ركبوا في البحر من مدينة كرمان فانتهوا إلى جدة فحجوا.
وممن توفي فيها من الأعيان...
حمزة بن إبراهيم بن عبد الله أبو الخطاب المنجم، حظي عند بهاء الدولة وعلماء النجوم، وكان له بذلك وجاهة عنده، حتى أن الوزراء كانوا يخافونه ويتوسلون به إليه، ثم صار أمره طريدا بعيد حتى مات يوم مات بالكرخ من سامرا غريبا، فقير مفلوجا، قد ذهب ماله وجاهه وعقله (3).
محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد أبو الحسن التاجر، سمع الكثير على المشايخ المتقدمين، وتفرد بعلو الاسناد، وكان ذا مال جزيل فخاف من المصادرة ببغداد فانتقل إلى مصر فأقام بها سنة، ثم عاد إلى بغداد فاتفق مصارة أهل