ثلاثون ألفا في ذلك اليوم، وأسر ثلاثون ألفا من شجعانهم وفرسانهم، وكان في جملة من أسر جميع ملوكهم سوى قومس طرابلس فإنه انهزم في أول المعركة، واستلبهم السلطان صليبهم الأعظم، وهو الذين يزعمون أنه صلب عليه المصلوب، وقد غلفوه بالذهب واللآلئ والجواهر النفيسة، وليم يسمع بمثل هذا اليوم في عز الاسلام وأهله، ودمغ الباطل وأهله، حتى ذكر أن بعض الفلاحين رآه بعضهم يقود نيفا وثلاثين أسيرا من الفرنج قد ربطهم بطنب خيمة، وباع بعضهم أسيرا بنعل ليلبسها في رجله، وجرت أمور لم يسمع بمثلها إلا في زمن الصحابة والتابعين، فلله الحمد دائما كثيرا طيبا مباركا.
فلما تمت هذه الوقعة، وضعت الحرب أوزارها أمر السلطان بضرب مخيم عظيم، وجلس فيه على سرير المملكة وعن يمينه أسرة وعن يساره مثلها، وجئ بالأسارى تتهادى بقيودها، فأمر بضرب أعناق جماعة من مقدمي الداوية - والأسارى بين يديه - صبرا، ولم يترك أحدا منهم ممن كان يذكر الناس عنه شرا، ثم جئ بملوكهم فأجلسوا عن يمينه ويساره على مراتبهم، فأجلس ملكهم الكبير عن يمينه، وأجلس أرياط برنس الكرك وبقيتهم عن شماله، ثم جئ إلى السلطان بشراب من الجلاب مثلوجا، فشرب ثم ناول الملك فشرب، ثم ناول أرياط صاحب الكرك فغضب السلطان وقال له: إنما ناولتك ولم آذن لك أن تسقيه، هذا لا عهد له عندي، ثم تحول السلطان إلى خيمة داخل تلك الخيمة واستدعى بأرياط صاحب الكرك، فلما أوقف بين يده قام إليه بالسيف ودعاه إلى الاسلام فامتنع، فقال له: نعم أنا أنوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الانتصار لامته، ثم قتله وأرسل برأسه إلى الملوك وهم في الخيمة، وقال: إن هذا تعرض لسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قتل السلطان جميع من كان من الأسارى من الداوية والاسبتارية صبرا وأراح المسلمين من هذين الجنسين الخبيثين، ولم يسلم ممن عرض عليه الاسلام إلا القليل، فيقال إنه بلغت القتلى ثلاثين ألفا، والأسارى كذلك كانوا ثلاثين ألفا، وكان جملة جيشهم ثلاثة وستين ألفا، وكان من سلم مع قلتهم وهرب أكثرهم جرحى فماتوا ببلادهم، وممن مات كذلك قومس طرابلس، فإنه انهزم جريحا (1) فمات بها بعد مرجعه، ثم أرسل السلطان برؤس أعيان الفرنج ومن لم يقتل من رؤوسهم، وبصليب الصلبوت صحبة القاضي ابن أبي عصرون إلى دمشق ليودعوا في قلعتها، فدخل بالصليب منكوسا وكان يوما مشهودا.
ثم سار السلطان إلى قلعة طبرية فأخذها، وقد كانت طبرية تقاسم بلاد حوران والبلقاء وما