هياج بن عبد الله (1) الخطيب الشامي، سمع الحديث وكان أوحد زمانه زهدا وفقها واجتهادا في العبادة، أقام بمكة مدة يفتي أهلها ويعتمر في كل يوم ثلاث مرات على قدميه، ولم يلبس نعلا منذ أقام بمكة، وكان يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة ماشيا، وكذلك كان يزور قبر ابن عباس بالطائف، وكان لا يدخر شيئا، ولا يلبس إلا قميصا واحدا، ضربه بعض أمراء مكة في بعض فتن الروافض فاشتكى أياما ومات، وقد نيف على الثمانين رحمه الله، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة فيها استولى تكش أخو السلطان ملك شاه على بعض بلاد خراسان. وفيها أذن للوعاظ في الجلوس للوعظ، وكانوا قد منعوا في فتنة ابن القشيري. وفيها قبض على جماعة من الفتيان كانوا قد جعلوا عليهم رئيسا يقال له عبد القادر الهاشمي، وقد كاتبوه من الأقطار، وكان الساعي له رجلا يقال له: ابن رسول، وكانوا يجتمعون عند جامع براثا، فخيف من أمرهم أن يكونوا ممالئين للمصريين، فأمر بالقبض عليهم. وحج بالناس جنفل.
وممن توفي فيها من الأعيان...
أحمد بن محمد بن عمر ابن محمد بن إسماعيل، أبو عبد الله بن الأخضر المحدث، سمع علي بن شاذان (2)، وكان على مذهب الظاهرية، وكان كثير التلاوة حسن السيرة، متقللا من الدنيا قنوعا، رحمه الله.
الصليحي المتغلب على اليمن، أبو الحسن علي بن محمد بن علي الملقب بالصليحي، كان أبوه قاضيا.
باليمن، وكان سنيا، ونشأ هذا فتعلم العلم وبرع في أشياء كثيرة من العلوم، وكان شيعيا على مذهب القرامطة، ثم كان يدل بالحجيج مدة خمس عشرة سنة، وكان اشتهر أمره بين الناس أنه سيملك اليمن، فنجم ببلاد اليمن بعد قتله نجاح صاحب تهامة، واستحوذ على بلاد اليمن بكمالها في أقصر مدة، واستوثق له الملك بها سنة خمس وخمسين، وخطب للمستنصر العبيدي صاحب