ولك المناقب كلها * فلم اقتصرت على اثنتين فأجازه جائزة سنية، فقيل له: إنه لم يقلها فيك، فقال: إن هذا البيت وحده بقصيدة، وله أيضا في بخيل نزل عنده:
وأخ مسه نزولي بقرح * مثل ما مسني منه جرح (1) بت ضيفا له كما حكم الدهر * وفي حكمه على الحر فتح (2) فابتداني يقول وهو من * السكر بالهم (3) طافح ليس يصحو لم تغربت؟ قلت قال رسول الله * والقول منه نصح ونجح:
" سافروا تغنموا " فقال وقد * قال تمام الحديث " صوموا تصحوا " ثم دخلت سنة عشرين وأربعمائة فيها سقط بناحية المشرق مطر شديد، معه برد كبار. قال ابن الجوزي: حزرت البردة الواحدة منه مائة وخمسون رطلا، وغاصت في الأرض نحوا من ذراع. وفيها ورد كتاب من محمود بن سبكتكين أنه أحل بطائفة من أهل الري من الباطنية والروافض قتلا ذريعا، وصلبا شنيعا، وأنه انتهب أموال رئيسهم رستم بن علي الديلمي، فحصل منها ما يقارب ألف ألف دينار، وقد كان في حيازته نحو من خمسين امرأة حرة، وقد ولدن له ثلاثا وثلاثين ولدا بين ذكر وأنثى، وكانوا يرون إباحة ذلك. وفي رجب منها انقض كواكب كثيرة شديدة الضوء شديدة الصوت. وفي شعبان منها كثرة العملات وضعفت رجال المعونة عن مقاومة العيارين وفي يوم الاثنين منها ثامن عشر رجب غار ماء دجلة حتى لم يبق منه إلا القليل، ووقفت الارحاء عن الطحن، وتعذر ذلك. وفي هذا اليوم جمع القضاة والعلماء في دار الخلافة، وقرئ عليهم كتاب جمعه القادر بالله، فيه مواعظ وتفاصيل مذاهب أهل البصرة، وفيه الرد على أهل البدع، وتفسيق من قال بخلق القرآن، وصفة ما وقع بين بشر المريسي وعبد العزيز بن يحيى الكتاني من المناظرة، ثم ختم القول بالمواعظ، والقول بالمعروف، والنهى عن المنكر. وأخذ خطوط الحاضرين بالموافقة على ما سمعوه. وفي يوم الاثنين غرة ذي القعدة جمعوا أيضا كلهم وقرئ عليهم كتاب آخر طويل يتضمن بيان السنة والرد على أهل البدع ومناظرة بشر المرسي والكتاني أيضا، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفضل الصحابة، وذكر فضائل أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، ولم يفرغوا منه إلا بعد العتمة، وأخذت خطوطهم