محفوظ بن أحمد ابن الحسن، أبو الخطاب الكلوذاني (1)، أحد أئمة الحنابلة ومصنفيهم، سمع الكثير وتفقه بالقاضي أبي يعلى، وقرأ الفرائض على الوني، ودرس وأفتى وناظر وصنف في الأصول والفروع، وله شعر حسن، وجمع قصيدة يذكر فيها اعتقاده ومذهبه يقول فيها:
دع عنك تذكار الخليط المتحد (2) * والشوق نحو الآنسات الخرد والنوح في تذكار (3) سعدى إنما * تذكار سعدى شغل من لم يسعد واسمع معاني (4) إن أردت تخلصا * يوم الحساب وخذ بقولي تهتدي وذكر تمامها وهي طويلة، كانت وفاته في جمادى الآخرة من هذه السنة عن ثمان وسبعين سنة، وصلى عليه بجامع القصر، وجامع المنصور، ودفن بالقرب من الإمام أحمد.
ثم دخلت سنة إحدى عشرة وخمسمائة في رابع (5) صفر منها انكسف القمر كسوفا كليا، وفي تلك الليلة هجم الفرنج على ربض حماه فقتلوا خلقا كثيرا، ورجعوا إلى بلادهم. وفيها كانت زلزلة عظيمة ببغداد سقط منها دور كثيرة بالجانب الغربي وغلت الغلات بها جدا، وفيها قتل لؤلؤ الخادم الذي كان استحوذ على مملكة حلب بعد موت أستاذه رضوان بن تتش، قتله جماعة من الأتراك، وكان قد خرج من حلب متوجها إلى جعبر، فنادى جماعة من مماليكه وغيرهم أرنب، أرنب، فرموه بالنشاب موهمين أنهم يصيدون أرنبا فقتلوه. وفيها كانت وفاة غياث الدين السلطان محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان بن داود بن ميكائيل بن سلجوق، سلطان بلاد العراق وخراسان وغير ذلك من البلاد الشاسعة. والأقاليم الواسعة. كان من خيار الملوك وأحسنهم سيرة، عادلا رحيما، سهل الأخلاق، محمود العشرة، ولما حضرته الوفاة استدعى ولده محمودا وضمه إليه وبكى كل منهما، ثم أمره بالجلوس على سرير المملكة، وعمره إذ ذاك أربع عشرة (6) سنة، فجلس وعليه التاج والسواران وحكم، ولما توفي أبوه صرف الخزائن إلى العساكر وكان فيها إحدى عشر ألف ألف دينار، واستقر الملك له، وخطب له