وفيها اتخذ نور الدين الحمام الهوادي، وذلك لامتداد مملكته واتساعها، فإنه ملك من حد النوبة إلى همذان لا يتخللها إلى بلاد الفرنج، وكلهم تحت قهره وهدنته، ولذلك اتخذ في كل قلعة وحصن الحمام التي تحمل الرسائل إلى الآفاق في أسرع مدة، وأيسر عدة، وما أحسن ما قال فيهن القاضي الفاضل الحمام ملائكة الملوك، وقد أطنب ذلك العماد الكاتب، وأطرب وأعجب وأغرب.
وممن توفي فيها من الأعيان:
عبد الله بن أحمد ابن أحمد بن أحمد أبو محمد بن الخشاب، قرأ القرآن وسمع الحديث، واشتغل بالنحو حتى ساد أهل زمانه فيهما، وشرح الجمل لعبد القاهر [الجرجاني]، وكان رجلا صالحا متطوعا، وهذا نادر في النحاة، توفي في شعبان من هذه السنة ودفن قريبا من الإمام أحمد، ورئي في المنام فقيل له ما فعل الله بك؟ فقال غفر لي وأدخلني الجنة إلا أنه أعرض عني وعن جماعة من العلماء تركوا العمل واشتغلوا بالقول، قال ابن خلكان: كان مطرحا للكلفة في مأكله وملبسه، وكان لا يبالي بمن شرق أو غرب.
محمد بن محمد بن محمد أبو المظفر الدوي (1)، تفقه على محمد بن يحيى تلميذ الغزالي، وناظر ووعظ ببغداد، وكان يظهر مذهب الأشعري، ويتكلم في الحنابلة مات في رمضان منها.
ناصر بن الجوني الصوفي كان يمشي في طلب الحديث حافيا، توفي ببغداد. قال أبو شامة: وفيها توفي.
نصر الله [بن عبد الله] أبو الفتوح الإسكندري المعروف بابن قلاقس الشاعر بعيذاب (2)، توفي عن خمس وأربعين سنة (3).