هبة الله بن أحمد (1) بن السيبي [قاضي الحريم بنهر معلى، و] (2) مؤدب الخليفة المقتدي بأمر الله، سمع الحديث، وتوفي في محرم هذه السنة، وقد جاوز الثمانين، وله شعر جيد، فمنه قوله:
رجوت الثمانين من خالقي * لما جاء فيها عن المصطفى فبلغنيها فشكرا له * وزاد ثلاثا بها إذ وفا وإني لمنتظر وعده * لينجزه لي، فعل أهل الوفا ثم دخلت سنة تسع وسبعين وأربعمائة وفيها كانت الوقعة بين تتش صاحب دمشق وبين سليمان بن قتلمش صاحب حلب وأنطاكية وتلك الناحية، فانهزم أصحاب سليمان وقتل هو نفسه بخنجر كانت معه، فسار السلطان ملكشاه من أصبهان إلى حلب فملكها، وملك ما بين ذلك من البلاد التي مر بها، مثل حران والرها وقلعة جعبر، وكان جعبر شيخا كبيرا قد عمي، وله ولدان، وكان قطاع الطريق يلجأون إليها فيتحصنون بها، فراسل السلطان سابق بن جعبر في تسليمها فامتنع عليه، فنصب عليها المناجيق والعرادات ففتحها وأمر بقتل سابق، فقالت زوجته: لا تقتله حتى تقتلني معه، فألقاه من رأسها فتكسر، ثم أمر بتوسيطهم بعد ذلك فألقت المرأة نفسها وراءه فسلمت، فلامها بعض الناس فقالت: كرهت أن يصل إلي التركي فيبقى ذلك عارا علي، فاستحسن منها ذلك، واستناب السلطان على حلب قسيم الدولة أقسنقر، التركي وهو جد نور الدين الشهيد، واستناب على الرحبة وحران والرقة وسروج والخابور محمد بن شرف الدولة مسلم وزوجه بأخته زليخا خاتون، وعزل فخر الدولة بن جهير عن ديار بكر، وسلمها إلى العميد أبي علي البلخي، وخلع على سيف الدولة صدقة بن دبيس الأسدي، وأقره على عمل أبيه، ودخل بغداد في ذي القعدة (3) من هذه السنة، وهي أول دخلة دخلها، فزار المشاهد والقبور ودخل على الخليفة فقبل يده ووضعها على عينيه، وخلع عليه الخليفة خلعا سنية، وفوض إليه أمور الناس، واستعرض الخليفة أمراءه ونظام الملك واقف بين يديه، يعرفه بالأمراء واحدا بعد واحد، باسمه وكم جيشه وأقطاعه، ثم أفاض عليه الخليفة خلعا سنية، وخرج من بين يديه فنزل بمدرسة النظامية، ولم يكن رآها قبل ذلك، فاستحسنها إلا أنه استصغرها، واستحسن أهلها ومن بها وحمد الله وسأل الله أن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم، ونزل بخزانة كتبها وأملى جزأ